الجديد

الأمن القومي المصري في “كماشة” .. معركة الحدود مع ليبيا وصراع المياه مع أثيوبيا

هشام الحاجي

لا شك أن تلويح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإمكانية الإعتماد على الجيش المصري للدفاع عن المصالح المصرية و عن أمن مصر سواء داخل حدود مصر أو خارجها ليس بالأمر الهين.

فهذا الاعلان يمثل منعرجا استراتيجيا في كيفية تعاطي جمهورية مصر العربية مع ما تعيشه منذ مدة من اطباق كماشة قوى إقليمية معادية لها في العمق.

قد يهلل بعض ” المعادين ” لنظام عبد الفتاح السيسي لهذا التطويق خاصة و أن أحد أطرافه الرئيسية  هو تركيا حليفة التيار الاسلامي وقطر المعادين لمصر ومحورها السعودي- الاماراتي.

تتعرض مصر حاليا لحربين في نفس الوقت أحدهما يستهدف الطاقة و أيضا مصالحها في تصدير اليد العاملة و المساهمة في إعادة إعمار ليبيا و إقصاء مصر من ليبيا يعني القضاء على رئة يتنفس منها الإقتصاد المصري.

أما وقوع النفط والغاز الليبيين تحت اياد معارضة لمصر فهذا يعني بإختصار مضاعفة متاعب الإقتصاد المصري خاصة و أن مصر قد فرطت و في ظروف ضغوط غامضة في جانب كبير من ثرواتها الغازية للكيان الصهيوني.

و لكن مصر تخوض حاليا حربا أشد ضراوة و خطورة و هي حرب المياه التي تضعها صحبة السودان في مواجهة أثيوبيا و مدار الصراع مياه النيل و ما ادراك ما نهر النيل الذي يعتبر منذ قرون شريان الحياة و سببها في مصر حتى أن القدامى اعتبروا أن مصر هي هبة النيل.

من حيث المبدأ يحق لاثيوبيا من حيث هي دولة المنبع إقامة سدود على نهر النيل لاستغلال مياهه في التنمية الفلاحية و الصناعية و لكن القانون الدولي يفرض عليها إحترام حصتي مصر و السودان .

و هنا أبدت أثيوبيا تعنتا يعود بالنسبة للملاحظين إلى تحريض إسرائيلي واضح لأن الكيان الصهيوني تغلغل في غفلة من العرب إلى إفريقيا و أصبح صاحب دور و رأي في تحديد سياسات عدد من الدول.

تتحكم أثيوبيا في مياه النيل بكيفية منفردة و رفضها الامضاء على مذكرات تفاهم يمكن أن يؤدي إلى سبب من أسباب تعطيش مصر و السودان و هو ما قد يدخل البلدين في دوامة من الأزمات الإجتماعية الحادة.

يتجاوز الخطر هذا المستوى لأن تدمير سد النهضة بعد إكمال تعبئته و لأي سبب من الأسباب سيؤدي إلى دمار قيامي يصيب مصر و السودان و قد يخلف دفعة واحدة أكثر من عشرة ملايين ضحية إلى جانب دمار شامل لعدة قرى و منشآت حيوية إذ يكفي تصور إنطلاق 73 مليار متر مكعب من المياه دفعة واحدة و من ارتفاع 4000 متر عن سطح الأرض.

لكن تلويح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإمكانية الإعتماد على الجيش المصري للدفاع عن المصالح المصرية يحيل أيضا إلى مصير الجيوش العربية في العقود الأخيرة و أساسا منذ حرب الخليج الأولى التي وضعت العراق في مواجهة إيران و أدت إلى إنهاك الجيش العراقي الذي امتص تسليحه جانبا مهما من مداخيل العراق النفطية.

بعدها مباشرة وقع الرئيس  صدام حسين في فخ اكتساح الكويت الذي كان ثمنه تدمير الجيش العراقي و إسقاط النظام  و احتلال العراق.

منذ ذلك التاريخ كان مصير الجيش الليبي مماثلا لمصير الجيش العراقي و تبعه الجيش السوري الذي اضعفته مواجهة المليشيات الإرهابية التي تم ارسالها  إلى الأراضي السورية “صديق الأمس ” رجب طيب اوردوغان و الأشقاء الخليجيون.

و يبدو أن العجلة الكاسحة ستتجه الآن إلى الجيش المصري المعني حاليا بجبهتين في ليبيا و قد تضعه في مواجهة مباشرة مع الجيش التركي و ضد أثيوبيا في الحدود الجنوبية لمصر دون أن ننسى حربه على الرهاب في سيناء.

استهداف الجيوش العربية ليس أمرا مفاجئا إذ وقع التخطيط له منذ مدة في مراكز التخطيط الصهيو – أمريكية و من غير المستبعد أن يقع قريبا “استدراج” الجيش الجزائري إلى حرب تستنزف مقدراته.

لا شك أن واقع الإنفاق العسكري العربي يمثل مفارقة كبرى إذ لم تحقق هذه الجيوش مكاسب ذات بال في الحفاظ على الأمن القومي العربي و خاصة في مواجهة الكيان الصهيوني و لكن في المقابل كان للمبالغ الطائلة التي أنفقت على تسليح الجيوش العربية انعكاسها السلبي على مسار التنمية في الوطن العربي.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP