الجديد

بعد رفض الامضاء على وثيقة “التضامن والاستقرار” .. هل تخطط “النهضة” للإنسحاب من الحكومة ؟

خديجة زروق

يعيد ” امتناع” حركة النهضة عن توقيع وثيقة ” التضامن و الاستقرار ” بين مكونات الائتلاف الحكومي طرح عدة أسئلة حول خفايا هذا الامتناع و حول مستقبل حكومة إلياس الفخفاخ.

ذلك أنه قد وقع الإعداد و لو في الحد الأدنى لمضمون هذه الوثيقة و كان من المفترض أن يتم الامضاء عليها يوم الإربعاء 20 ماي الجاري و لكن حركة النهضة اعلمت يوما واحدا قبل هذا التاريخ رئيس ديوان رئيس الحكومة فتحي التوزري أنها لن تحضر حفل التوقيع و هو ما أدى إلى ارجاء الأمر حتى تتغير المعطيات.

النهضة تربك “توازن” الائتلاف الحكومي

تراجع حركة النهضة من شأنه أن يؤدي – إذا ما تواصل- إلى ” سقوط الوثيقة في الماء” و إلى الاستغناء عنها خاصة و أن هذا التراجع قد جاء في وقت تبدو فيه الحكومة بصدد توجيه إشارة إلى “المتربصين ” بها مفادها أنها متماسكة و أن التضامن يسود كل مكوناتها أياما قبل إنطلاق تحركات من بين أهدافها الدعوة لإسقاط الحكومة و مطالب أخرى علاوة على أن حكومة إلياس الفخفاخ ستجد نفسها أمام مهمة الإدارة الصعبة لتداعيات الكورونا و التي تفرض من بين ما تفرض تناغم مكوناتها.

لا شك أن امتناع حركة النهضة عن توقيع الوثيقة ليس اعتباطيا بل له دوافعه التي يمكن الإشارة إليها و هو أيضا إشارة إلى جميع الأطراف. و لا يمكن التعاطي مع موقف حركة النهضة دون ربطه بالعلاقة الغامضة و المتوترة بين ” الرئاسات الثلاث ” و من هذه الزاوية فإن الامتناع هو دليل على أن “مآدب الإفطار الرمضانية ” لم تذوب الجليد بل ربما راكمته.

كما أن كواليس من مونبليزير تشير الى أن الحركة تعتبر انها “مهمشة” داخل صناعة القرار السياسي في القصبة، وأن رئيس الحكومة اختار محاصرتها ببقية مكونات الائتلاف ونعني حركة الشعب والتيار الديمقراطي، وهنا نذكر برفض النهضة للصلاحيات الكبيرة التي منحت للوزير محمد عبو، وهو ما جعل النهضة تضع على طاولة تحركاتها الدعوة الى توسيع الحكومة، عبر ادخال حزب قلب تونس شريكها في الجبهة البرلمانية، ولفك ما تعتبره “العزلة” التي تعيشها في حكومة الفخفاخ.

 اضعاف الائتلاف الحكومي .. هل سينتهي بالانسحاب منه ؟

برفضها الامضاء على “الوثيقة” تكون حركة النهضة  ذات الأغلبية مقارنة ببقية احزاب الائتلاف الحكومي  قد رفضت تقديم دعم معنوي إضافي لالياس الفخفاخ قد يحوله إلى “حسابه الخاص” أو إلى حساب رئيس الجمهورية.، موقف من شأنه أن يزيد في اضعاف الائتلاف الحكومي وموقع رئيس الحكومة فيه، الذي سيكون مجبرا على مراجعة “موقع” النهضة في القصبة، التي لا يتبعد مقربون من “مطبخها” اقرار خطوة سياسية قد تربك الوضع الحكومي، من ذلك ان خيار الانسحاب من الحكومة محل نقاش جدي، وقد تعجل “الجلسة الحوارية” البرلمانية ليوم 3 جوان القادم و المخصصة لمناقشة “الدبلوماسية البرلمانية”، حاسمة في تقرير مصير الائتلاف الحكومي وكذلك الجبهة البرلمانية بقيادة النهضة.

مشاركة النهضة في الحكومة الذي “قيدت” اليه مكرهة وليس بشروطها، جعل نقاط الاختلاف بينها وبين إلياس الفخفاخ قائمة وبقوة، لعل من أهمها إلحاق قلب تونس بالحكومة و أيضا توقف إلياس الفخفاخ عن التحرك لتشكيل حزام سياسي خاص به داخل البرلمان و هما “مطلبان ” يرفضهما إلياس الفخفاخ علاوة على اختلافه مع حركة النهضة في قضايا التعيينات الإدارية و غيرها .

و هو ما يجعل النهضويين يقدرون أن الفخفاخ أقرب الى حركة الشعب والتيار الديمقراطي والرئيس قيس سعيد منه الى الحركة التي تسانده ب “ثقل” كبير ووازن في البرلمان، و هو ما يعني أنها قد لا تكون متحمسة كثيرا لمنحه المزيد من أوراق الإستقرار و أنها أكثر حرصا على الإعداد بهدوء لمرحلة ما بعد إلياس الفخفاخ،  و ليس من مصلحتها بالتالي “مزيد التورط ” معه..

يضاف إلى ذلك أن علاقات حركة النهضة بحركة الشعب تزداد توترا يوما بعد يوم و هو ما تجلى في الحملات ” الفايسبوكية” و الإعلامية المتبادلة بين الحركتين و ما رغبة حركة النهضة لإلحاق حركة قلب تونس بالحكومة إلا محاولة لإضعاف موقع و دور حركة الشعب في الحكومة.

و في هذا السياق فإنه من المفارقات التونسية أن الاصطفاف في الحكومة يختلف عن الاصطفاف في البرلمان الذي يهم حاليا أكثر حركة النهضة،  في ظل  ما تعتبره “حملات” يتعرض لها رئيسها راشد الغنوشي لإبعاده عن رئاسة مجلس نواب الشعب، وسط ما تعتبره قياداتها “صمت مريب” من الائتلاف الحكومي ورئيسه.

لاشك أن حركة النهضة لا تنظر في هذا الصدد بعين الارتياح لمواقف حركة الشعب و بدرجة أقل لمواقف التيار الديمقراطي اللذان تعتبرهما تجسيدا لما سمي ” حكومة الرئيس ” التي جاءت على حسابها و قد يكون امتناع حركة النهضة عن توقيع وثيقة التضامن و الاستقرار خطوة على طريق الإعداد للانتقال من حكومة الرئيس إلى حكومة حركة النهضة و هو ما يعني أن الامتناع سيكون نهائيا و حلقة في معركة الالتفاف المتبادل على المواقع بين الرئاسات الثلاث.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP