الجديد

حول عمليات سبر الاراء: هل يحافظ الحزب الدستوري الحر على مواقعة الى حين الانتخابات المقبلة ؟

الأزهر الضيفي*

في ما يلي جملة من الملاحظات حول نتائج سبر الاراء لشهر اوت 2020 (المغرب- سيقما كونساي) ، ولعل المؤشر البارز  هو تصدر الحزب الدستوري لنوايا التصويت في الانتخابات التشريعية في حال تنظيمها الان، وهو ما يجعل منه محل اهتمام التونسيين في الخارطة السياسية.

** في الانتخابات الرئاسية:

يؤكد سبر الاراء لشهر اوت 2020 مواصلة اهتمام التونسيين بمؤسسة رئاسة الجمهورية اكثر من المؤسسات الدستورية الاخرى رغم ان النظام هو شبه برلماني و زاد هذا الاهتمام بتولي قيس سعيد رئاسة الجمهورية .

رغم تارجح ثقة التونسيين في قيس سعيد، تبقى النسبة عالية لكن هل تصمد لاربع سنوات أخرى نظرا لهامش الاخطاء التي يمكن ان تحدث نتيجة تآكل لمكانته من خلال مؤشرات جمعه لمجالات السلطة التنفيذية و تدخله في السلطة التشريعية بحكم غياب المحكمة الدستورية و خاصة في حال حصول فشل جديد للحكومات المحسوبة عليه.

الى حد الان، يمكن ان تحسم الانتخابات الرئاسية في الدور الاول بانتخاب قيس سعيد بحكم تباعد نوايا التصويت ب 57 نقطة مع منافسه الاول عبير موسي (65،1٪؜ مقابل 8،1%)  و ارتفاع نسبة عدم الثقة في منافسه الذي يليه عبير موسي (59٪؜) ، وضع يصعب تداركه لاسباب عدة اهمها كيف يقع تحويل التعاطف الكبير مع الحزب الدستوري الحر في ازاحة حركة النهضة من الحكم الى تعاطف مع منظومة الاحزاب التي يناهضها قيس سعيد لوصول مرشحيها الى الرئاسة.

من ناحية اخرى ، انتخابات 2019 افرزت فارقا بحوالي الثلث في الاصوات بين التي تحصلت عليها عبير موسي في الدور الاول من الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 (135الف صوت) و بين تلك التي تحصل عليها الحزب الدستوري الحر في الانتخابات التشريعية (189الف) رغم ما يشاع على محورية الحزب المفرطة حول رئيسته وهو ما يُمكِّن القول ان الناخب يتعاطف مع الحزب الدستوري الحر ليكون في البرلمان أكثر من تعاطفه مع قيادته في رئاسة الجمهورية خلافا لما تحصل عليه الباجي قايد السبسي من اصوات (1٠289،384) التي تضاهي بزيادة طفيفة (10آلاف صوت) في الدور الاول للانتخابات الرئاسية لسنة 2014 عدد الاصوات (1٠279،941) التي تحصل عليها حزبه نداء تونس في الانتخابات التشريعية لسنة 2014.

من المتوقع ان تظهر شخصيات جديدة قادرة على ازاحة الطيف السياسي التقليدي المترشح للرئاسة خاصة في ظل تواصل تردي الوضع او مزيدا من التازم بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية.

** في الانتخابات التشريعية :

يؤكد سبر الاراء لشهر اوت 2020 مواصلة التونسيين عدم الاهتمام كثيرا بالانتخابات التشريعية (62،4٪؜ لا ينوون التصويت) و يؤكد ذلك بضعف ثقتهم في مجلس نواب الشعب (23٪؜ فقط يثقون فيه) و في الاحزاب السياسية (20٪؜ فقط يثقون فيها).

أصبح  الصراع السياسي واضحا من خلال استقطاب ثنائي مع او ضد الاسلام السياسي، صراع مرتكز اساسا بين حزبي الدستوري الحر و النهضة في فضاء البرلمان و الذي سيمتد الى الفضاءات العامة الاخرى وهو شبيه بما حصل ابان احداث حزب نداء تونس و في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 و بروز التصويت المفيد في رئاسية 2014.

ان القوى الشعبية الوطنية الحداثية و التقدمية تتعاطف في المعركة الحالية مع الدستوري الحر لكن هل يمكن ان يتواصل هذا التعاطف الى موعد الانتخابات المقبلة ما لم يقع التاسيس لمشروع عمل و تواصل مشترك يلتقي معها حول مشروع وطني حداثي اصلاحي٠

و لعل المسوولية الاولى تعود الى الحزب الدستوري الحر الذي إكتسح الفضاء السياسي و سيطر على المشهد السياسي خاصة في الفترة الاخيرة من السنة الاولى للدورة البرلمانية 2019 – 2024 و ربما يبقى في حاجة الى مزيد المرونة و الاهتمام لبعض القضايا التي تجمع الطيف الحداثي و طمأنة التونسيين و النخبة كذلك بمشروع حكم جامع يجسد الوحدة الوطنية و التعايش السلمي.

اصبح للحزب الدستوري الحر خزان انتخابي خاصة من التجمعيين الدستوريين، اذ كان القول في السابق قبل 14 جانفي 2011 ان طبيعة الحكم في تونس لا تتداول الا باغلبية من الدستوريين او باغلبية من الاسلاميين و كنا نرى ان كلا من الاتجاهين كان يشكل قطبا له انصار من الاحزاب و من النخبة و من النشطين السياسيين و الحقوقيين٠

فبعد حل التجمع الدستوري الديمقراطي ، استاثر المرحوم الباجي قايد السبسي بالإرث التجمعي الدستوري الذي كان ينتمي اليه باحداث حزب نداء تونس و وصل به الى الحكم بالسلط الدستورية الثلاثة: رئاسة الجمهورية و رئاسة مجلس نواب الشعب و رئاسة الحكومة ، و قتها كان القول انه من الصعب اعادة تشكل الدستوريين في حزب مادام نداء تونس قائما و لا يمكن البناء السياسي الا على انقاضه مثلما بني النداء على انقاض التجمع ، فهل حان الوقت لهذا خاصة و ان الحزب الدستوري الحر إكتسح مواقع نداء تونس بالدوائر الانتخابية لسنة 2014؟

مع العلم انه إثر التجاذبات بين محتلف مكونات حزب نداء تونس ، حاول المرحوم حامد القروي جمع الدستوريين في حزب جديد فكان احداث حزب الحركة الدستورية الذي تحول بعد مؤتمر 13 اوت 2016 الى الحزب الدستوري الحر و ما استقطاب محمد الغرياني كمستشار سياسي لرئيس حزب نداء تونس وهو الذي تم الاتفاق على تعيينه امينا عاما للحركة الدستورية الا يعكس الخلاف بين شيوخ الدستوريين على مسار يوحدهم.

ان الخزان الانتخابي للدستوري الحر يمكن ان يتكون اليوم من حوالي 650 الف من منخرطيه ثم من ناخبي القائمات الدستورية المستقلة في الانتخابات البلدية لسنة 2018 (جزء منها متخلي عن نداء تونس)و الذي يتجاوز عددهم 250 الف و عدد من المنخرطين التجمعيين الدستوريين لحزب نداء تونس الذين إلتحقوا بالاحزاب التي تفرعت عنه و التي تكاد تندثر تماما حسب سبر الاراء،

إذ يمكن القول ان الدستوري الحر استقطب حوالي 60 الف من ناخبي نداء تونس و تحيا تونس سنة 2019 و حوالي 150 الف من ناخبي قلب تونس سنة 2019 و الذي عهدوا انهم من ناخبي نداء تونس سنة 2014 بالاضافة الى المتعاطفين الذين تربطهم بالحزب الدستوري الحر مسالة ازاحة الاسلام السياسي.

لكن يبقى هذا الخزان في حاجة كبيرة الى استراتيجية دقيقة و تعديلات مهمة للحفاظ عليه اربع سنوات اخرى؟.

حافظت حركة النهضة  على نفس الخزان الانتخابي لسنة 2019 دون احتساب اذرعتها المهيكلة و المستقلة، و يمكن القول ان لائحة سحب الثقة من رئيس مجلس النواب ساهمت في لملمة شقوقها التي بدات تبرز تبايناتها وهي على أبواب مؤتمر الحركة.

و مازال يحافظ التيار الديمقراطي و إتلاف الكرامة على نفس الخزان مع تقدم طفيف لحركة الشعب بالرجوع الى انتخابات 2019 .

أما بقية الاحزاب كلها تتاثر سلبا بتحول المشهد السياسي لفائدة الحزب الدستوري الحر خاصة تحيا تونس و نداء تونس . و يبدو ان مشروع حزب لقيس سعيد غير مربح للجميع خاصة بعد مواقفه العلنية ضد المنظومة الحزبية.

الازهر الضيفي ، قيادي دستوري و برلماني سابق

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP