الجديد

خطاب “مجلس الامن القومي” .. قيس سعيد “الرئيس المقامر” !

تونس- التونسيون

مثلما جرت العادة مع كل “كلمة” متلفزة، فقد ابتعد رئيس الجمهورية قيس سعيد البارحة خطوة أخرى ، و قد تكون الحاسمة ، عن ” اكراهات” يفرضها موقعه كرئيس للجمهورية من حيث البحث عن القواسم المشتركة و اعتبار أن للدولة اسرارها التي لا يجوز أن تكشف على قارعة الطريق.

الرئيس “المقامر” و”الشعبوي”

كان بإمكانه أن يسوق كل تحفظاته و مؤاخذاته في جلسة مغلقة و لكنه اختار أن يتخذ من اجتماع مجلس الأمن القومي إطارا لعملية تحولت إلى ” تحريض ” بعيد كل البعد عن الحد الأدنى من إحترام مقتضيات الأمن القومي خاصة و أن الوضع الإقتصادي و الاجتماعي دقيق و متدهور و مفتوح على كل الاحتمالات .

قد يكون قيس سعيد التجسيد الأقصى للتعاطي ” الهاوي” و المتشنج مع مؤسسات الدولة و هو التعاطي الذي تطور في العشرية الأخيرة ليتحول حاليا إلى خطر كبير على الجميع خاصة و أن تحريك الشارع ليس دائما الحل الأمثل لحسم الخلافات السياسية و أن من يبدأ ” الحرب ” ليس من يربحها بالضرورة.

خاصة في ظل مزاج شعبي يميل بشكل واع أو لا واع إلى حلول ” سهلة ” تميل إلى الفوضى أو اليد الحديدية و هو ما يتناقض مع شروط بناء نظام ديمقراطي و دولة قانون و مؤسسات. الدفع نحو الحلول المتوترة و ” الجاهزة” و ” الحالمة” قد يفتح الباب أمام انزلاق بطيء و ممنهج نحو العنف يسهل الانخراط فيه و لكن الخروج منه قد يكون مكلفا جدا اقتصاديا و سياسيا و انسانيا .

مقابل الخطاب “الاستعراضي” و “الشعبوي” لقيس سعيد والذي فيه الكثير من “المغامرة” و “المقامرة” في ظل الأوضاع الراهن، فان خطاب رئيس الحكومة اليوم أمام مجلس النواب التزم بالهدوء والواقعية عبر دعوة الجميع لتحمل مسؤولياتهم في ظرف صعب تمر به الدولة التونسية.

المشيشي .. دعوة للشرد

قال رئيس الحكومة هشام المشيشي ” ما لم يتحقّق الاستقرار السياسيّ وما لم تنضج الحياة الديمقراطية، وما لم تلتزم كلّ المؤسّسات الدستورية بنواميس الدّولة وضوابطها، وبحدود صلاحياتها الدّستورية بعيدا عن الإستعراض والإثارة، لن نخرج من الأزمة التي نعيشها”، معتبرا أن التحديات التي تواجهها البلاد اليوم هي  “تحدّيات حقيقيّة وعميقة،  وأن الصّعوبات التّي تعرفها البلاد على درجة من الخطورة أصبحت تهدّد ديمومة وكيان الدّولة. ولن يكون من الهيّن تجاوزها في ظرف وجيز”.

ولفت المشيشي في كلمته خلال الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب والمخصصة للتصويت على منح الثقة لأعضاء الحكومة المقترحين ضمن التحوير الوزاري ، صباح اليوم الثلاثاء، بالمقر المجلس بباردو ، إلى أن الدولة تعاني من أزمة هيكليّة تفاقمت على امتداد السنين وتشعّبت بدرجة معقّدة وتأخّرت فيها إرادة الإصلاح الحقيقية والمسؤولة “لتفسح المجال أمام الخطاب الشعبوي الّذي يسعى أصحابه إلى تسويق الأوهام وتسجيل النقاط السياسوية وافتعال المعارك الزّائفة التي فصلها الدستور والتي لم تعد تعني لشعبنا ولا لشبابنا شيئا” حسب تعبيره، معتبرا أن الشباب  أصبح ينفر العمل السياسيّ والجمعيّاتي ووجد لنفسه تعبيرات بديلة، تدلّ على نفاذ صبره وعلى تأخّر تحقيق إنتظاراته المشروعة لا سيما في التشغيل والتنمية.

وأضاف قوله. ” اخترنا أن نتوجّه إلى هذه المؤسّسة التي اختارها شعبنا لتكون مصدر الشرعية، بقطع النّظر عن النقاشات العقيمة حول إجبارية عرض التّحوير الوزاري على أنظار المجلس ، هذه المؤسسة التي نلنا فيها الثّقة، وإليها نعود لمزيد ترسيخ التقاليد الديمقراطية الفضلى وللمحافظة على تجربتنا الدّيمقراطية الرّائدة التي انخرطت فيها تونس منذ 2011، والّتي قطعت نهائيّا مع منظومة الحزب الواحد والرأي الواحد والزعيم الأوحد”.

 

 

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP