الجديد

خليفة بن سالم يكتب: “جرت رياح روسيا بوتين بما لا تشتهي سفن بايدن”


خليفة بن سالم

لماذا تبدو نتائج الانتخابات الأمريكية، المقررة في نوفمبر القادم، الأكثر أهمية بالمقارنة مع سابقاتها ؟.في محاولة الاجابة على هذا السؤال الهام والذي يتجاوز الولايات المتحدة الى التاثير في مستقبل العالم برمته، ومن هنا و للوهلة الأولى – دون وقوع في فخ الأمنيات – أعتقد أن المسألة مرتبطة بعودة الروح للقطبية، وتوازنات الرعب من الدولي إلى الإقليمي إلى المحلي.

في هذا السياق، وفي محاولة من الغر ب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، نلاحظ وجود مراهنة من العالم الغربي واساسا القيادة الأمريكية الحالية، على إنهاء الحالة الروسية الجديدة مع بوتين، فيما أراد له الغرب أن يكون مستنقعا اوكرانيا، إذ راهنت قوى الغرب على إنهاك روسيا و إفلاسها اقتصاديا، وتراجع شعبية بوتين داخليا، ومن ثمة توفير الخميرة الداخلية الي مناخات الانتفاضة الشعبية أو الانتخابية للإطاحة، به وبذلك العودة بالسياسة الدولية عند تثبيت استفراد القطب الواحد بالحل والربط.

ولكن جرت رياح روسيا بوتين بما لا تشتهي سفن بايدن، فبوتين فاز بولاية جديدة وذلك بلا مفاجأة، ولكن المفاجئ هو نسبة المشاركة المرتفعة، ومحدودية الاحتجاج، مما اضطر الى استدعاء آلة الارهاب ، في قلب موسكو عبر عملية إرهابية عقابا للروس على دعمهم لبوتين، والعالم يدرك أن “داعش” وغيرها من التنظيمات الإرهابية المتطرفة دينيا، تشتغل بطريقة أو بأخرى ضمن أجندة استخباراتية، معادية لتحرر الشعوب من الهيمنة الأمريكية.

على كل لم يبق الكثير عن الانتخابات الأمريكية، ومرة أخرى يبدو مصيرها في علاقة بصراع الهيمنة وآلياتها ومناهجها وطرق التسويق لها، وهنا مربط الفرس في تنامي العداء بين الديمقراطيين الأمريكيين والروس، عداء أيديولوجي متوارث عن صراع الحضارات شرق /غرب، و صراع المفاهيم يسار/يمين، وصراع امبريالي قائم على التمدد الجغرا طاقي.

وعلى هذه الارضية، يرفض الديمقراطيون التفاوض والتسليم بتقاسم النفوذ، في اعتقاد منهم أن سلاح الديمقراطية سيفك تماسك دول لديها إرث من العداوة مع الغرب، ولئن نجحت هكذا رؤية جزئيا في إنهاء حقبة حكم طويلة في البلاد العربية، التي كانت محكومة بتوجهات أما ايديولوجية أو حزبية كليانية، فإن هذا التمشي لم يجد له حريفا في روسيا، لا بل إن روسيا نجحت لحد اليوم في جعل الحرب في اوكرانيا معاناة جيوبوليتيكة و اساسا اقتصادية للغرب.

وكثير من شعوب العالم احبطت عزائم “المهندس الغربي”، على أن تغييرا قد يحدث في المعادلة الجيو استراتيجية إلى أن جاء “7اكتوبر” في فلسطين فتنفس الروس الصعداء، اذ غيرت المقاومة كل المفاهيم، وتورط النظام الرسمي الغربي، والمقصود ساسة و صناع رأى وفكر ومال واعلام… في جريمة الانحياز الى الجريمة.

واصبحت كل السرديات حول “فظاعة” العدوان الروسي على اوكرانيا، لا تعني شيئا أمام جريمة العصر في فلسطين، بتواطئ غربي لا جدال فيه، ومع ذلك فشلت القوة الإسرائيلية وعجز التخطيط الامريكي، على وأد  المقاومة ، وبدأت نخب الغرب وشعوبها تراجع حساباتها وخياراتها – وان باحتشام كبير –  .

فيما تمكنت روسيا من التحوز على ثقة الشعوب والامم الراغبة في التحرر من الوصاية الغربية وهذا سر حضور روسيا في افريقيا وتوسع مجموعة البريكس ..وان كان لنا إن نخرج بدرس فإنه يتلخص في قدرة بوتين على الجمع بين سلوك سوفياتي و ممارسة براغماتية و ثقافة شرقية.

فالسوفياتي تعني التوسع على قاعدة المشاركة والتشبيك حول قيم معاداة سياسة القطب الواحد، أما البرغماتية فهي في التخلص من حدود الايديولوجيا في التعامل مع الآخر و في الخيرات الاقتصادية، أما ما هو شرقية فهو يكمن في ديمومة السلطة وديمومة الانتصالر الى القيم المجتمعية كرفض المثلية أو ضرب الاسرة .

ويبقى السؤال اذا استمر بايدن فهل سنرى مجابهة مباشرة في اوكرانيا أو الشرق الاوسط ؟ و اذا عاد ترامب فأي مصير للقوى الاقليمية المراهنة على فكرة ديمقراطية الفوضى الخلاقة؟

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP