أسئلة العودة السياسية: تخوفات على مصير الانتقال الديمقراطي
كتب: الطيب اليوسفي *
مع حلول سنة سياسية وادارية جديدة، سوف تكون حاسمة، نظرا لكونها سوف تشهد تنظيم استحقاقات انتخابية مهمة ( الانتخابات التشريعية والرئاسية، في أكتوبر 2019)، تعيش البلاد على وقع أزمة سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية خانقة وغير مسبوقة.
تطرح هذه العودة معها أسئلة جدية، حول تأثيرها وتداعياتها وتبعاتها، على مصير التجربة الديمقراطية، وعلى مستقبل البلاد بصفة عامة. ومن مظاهر الازمة السياسية، الصراع بين أجنحة الحكم، وهي معركة توصف بكونها معركة تكسير عظام.
أزمة شاملة ومركبة و تتمدد
يأتي ذلك مع إعلان رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، القطيعة بينه وبين حركة “النهضة” الاسلامية، وذلك إلى جانب الصراعات والخلافات الداخلية، التي تشهدها معظم الأحزاب السياسية، وطغيان الهوس بالسلطة، والحسابات السياسوية، والأجندات الذاتية، ومن تجليات الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية تدهور المؤشرات ذات العلاقة.
من ذلك تفاقم المديونية، وتدني احتياطي العملة الصعبة، و تدحرج قيمة الدينار وتزايد عجز الميزان التجاري، وميزان المدفوعات وتصاعد عجز الصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية، فضلا عن ارتفاع نسبة التضخم، وتدهور المقدرة الشرائية، وتقلص الطبقة الوسطى، بالتوازي مع ذلك تتزايد مظاهر تفكك الدولة، و استضعافها وتلاشي هيبتها، تنضاف إلى ذلك ضبابية الأفق، خاصة في ظل التلكؤ في الإقدام على الإصلاحات الهيكلية، والإجراءات الضرورية للخروج من عنق الزجاجة، والحيلولة دون تواصل تردي الأوضاع.
كما تزعزعت الثقة في منظومة الحكم، وتزايدت القطيعة بين الرأي العام والطبقة السياسية، وتعاظم العزوف عن الاهتمام بالشأن العام، واحتدت مؤشرات التشاؤم والحيرة والإحباط والتوجس من الحاضر، والخشية من المستقبل، ومما يزيد الأمور تعقيدا الوضع الجيوسياسي الإقليمي المضطرب خاصة في ضوء استفحال الأزمة الليبية، وتأثيرها المباشر على الوضع الداخلي لتونس.
مساوئ تأخر الاصلاحات
بناء على المعطيات السابقة، تصبح الأوضاع في تونس مرشحة إلى مزيد التعقيد والتأزم، اذا لم يتم الإسراع باتخاذ التدابير الكفيلة بإيقاف مسار التدهور، قبل فوات الأوان، واذا كانت تجربة السنوات الأخيرة والمعطيات تؤكد عدم تلاؤم النظام الهجين المنبثق عن دستور 27 جانفي 2014 مع خصوصيات الواقع التونسيين.
وهو ما يقتضي مراجعة متأكدة للوضع الذي برزت بوضوح مساوئه، وما يطرحه من تعقيدات وتعطيلات، فإنه من الاهمية بمكان الاقدام على معالجة الإشكاليات القائمة، على الأصعدة الاقتصاية والاجتماعية، بما يقتضيه ذلك من شجاعة سياسية، ووضوح رؤية وحسن تدبير بعيدا عن الارتجال والحلول الترقيعيةوبمناى عن الشعبوية والحسابات السياسوية والأجندات الذاتية.
وتبقى الأولوية لإيقاف النزيف قبل استفحال الداء واستعصاء العلاج وقبل سقوط السقف على الجميع، ولا مناص من المكاشفة والمصارحة بحقيقة الأوضاع كما هي، دون مواراة أو تنميق وصياغة مشروع للإنقاذ يصحح المسار، ويرسم الطريق السالك نحو بر الأمان على أساس برنامج حد أدنى جامع، وتتحمل فيه كافة الأطراف الوطنية مسؤولياتها، دون ذلك يفتح باب المجهول على مصراعيه، وتصبح كل الاحتمالات واردة.
*إعلامي
Comments