أي كلفة للاتفاقات الاجتماعية على المالية العمومية ؟
تونس – التونسيون :
لا تحجب الاتفاقات الاجتماعية التي نجحت الحكومة في توقيعها مع اتحاد الشغل لزيادة رواتب أجراء القطاع العمومي ، العقبات الاقتصادية والاجتماعية التي تطرح بشدة بسبب وتعثر محركات الانتاج، فيما تغيب الأرقام والبيانات الرسمية حول الكلفة الحقيقة للزيادات في الأجور ومصادر تمويلها
وتمثل استعادة محركات الانتاج وخلق الثروة واحدة من أهم التحديات المطروحة على حكومة الشاهد خلال الفترة القادمة ،بهدف المحافظة على استقرار المالية العمومية حصر عجز الموازنة في حدود 3,9 بالمائة وفق ما تم ترسميه في قانون المالية .
يعتبر خبراء الاقتصاد أن الحكومة اشترت السلم الاجتماعية عبر توقيع اتفاقي الزيادة في الأجور والتعليم الثانوي بكلفة باهضة ، وهو ما قد يضطرها إلى التداين الخارجي بعد توجيه مخصصات النفقات الطارئة نحو الزيادة في الأجور .
وتوقع الخبير الاقتصادي معز الجودي أن يكون لاتفاق الزيادة في الأجور تداعيات خطيرة على التوازنات المالية.
وقال أن الحكومة لا تملك 800 مليون دينار لتمويل زيادات الرواتب الموقعة مؤكدا على الزيادة ستمول على الأرجح من خلال “التضحية “بنفقات ميزانية الطوارئ وجزء من نفقات للتنمية ، وكذلك مما ستجنيه من الفارق بين أسعار النفط المعتمدة في الميزانية وسعر السوق حاليا
وعلّق بأن الحكومة تسير المالية العمومية بمنطق المثل التونسي الشعبي “أحييني اليوم واقتلني غدوة”
وتقدر نفقات الطوارئ التي رصدتها الحكومة ضمن قانون المالية للعام الحالي نحو 400 مليون دينار مقابل اعتماد سعر بترول مرجعي ب74 دولار فيما يبلغ معدل سعر البترول في السوق العالمية منذ بداية السنة 60 دينارا وهو ما يوفر لميزانية الدولة فائضا ماليا مهما.
وتفنّد التصريحات الرسمية كل توقعات خبراء المالية والاقتصاد بتمويل الزيادة في الأجور عبر التداين الخارجي أو الزيادة عجز الميزانية ، حيث أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد التزام حكومة بالحفاظ على استقرار عجز الميزانية في المستويات المحددة وعدم اللجوء إلى مزيد من القروض الخارجية
و أكد أن الانعكاسات المالية لهذا الاتفاقات ستتحملها ميزانية الدولة دون غيرها مضيفا أن الاتفاقات الاجتماعية تدل على أن تونس في الطريق الصحيح، ومشيرا إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية على غرار نسبة النمو.
ويفتح الغموض حول مصادر تمويل اتفاقات الزيادة في الأجور وطرق تسيير المالية العمومية باب التأويلات بشأن سير الوضع الاقتصادي في تونس نحو التعافي الحقيقي من عدمه ،خاصة في ظل تواصل الضغوط المعيشية وزيادات في الأسعار يفرضها الانحدار المتواصل لسعر الدينار .
Comments