إسرائيل: يائير لابيد…من نجم تلفزيوني إلى معارض يسعى للإطاحة بـ”عرش نتانياهو”
التونسيون- وكالات
أصبح زعيم حزب “يش عتيد” يائير لابيد منذ الأربعاء الرجل الموكولة له مهمة تشكيل حكومة جديدة، بعد فشل رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو في ذلك. ويحاول هذا النجم التلفزيوني السابق اليوم الإطاحة بـ”الملك نتانياهو” على حد تعبيره، الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ 15 عاما. وهذا يتطلب منه ضمان أغلبية في الكنيست من 61 نائبا في ظرف 28 يوما. فمن هو لابيد؟
صب فشل رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة بمصلحة زعيم حزب “يش عتيد” (هناك مستقبل) يائير لاييد، الذي كلفه رئيس البلاد ريفلين رؤوفين مساء الأربعاء بتشكيل الحكومة في غضون الأيام الـ28 المقبلة.
واختيار الرئيس الإسرائيلي للابيد أملته نتائج الانتخابات الأخيرة، التي حصل فيها حزبه “يش عتيد” على المرتبة الثانية خلف حزب الليكود بزعامة نتانياهو. وخرج هذا الحزب إلى الوجود في 2012، واستطاع أن يكتسب شعبية واسعة لدى الطبقة الوسطى الإسرائيلية منذ البداية، محققا مفاجأة انتخابية في اقتراع 2013 إذ جاء في المرتبة الثانية، ما مكن لابيد من دخول حكومة نتانياهو كوزير للمالية.
لكن حبل الود بين نتانياهو ولابيد سرعان ما انقطع، فأعفى الأول الثاني من مسؤوليته الحكومية إثر خلافات محتدمة حول السياسة المالية، الشيء الذي أدى إلى انهيار هذا الائتلاف الحكومي، لتجرى انتخابات جديدة في 2015، إلا أن نتائجها هذه المرة لم تكن مرضية بالنسبة لوزير المالية المقال، مؤديا ضريبة إشرافه على السياسات الاقتصادية والاجتماعية في حكومة نتانياهو المنهارة وقتها.
ومنذ 2015، ظل يائير لابيد معارضا شرسا لسياسة نتانياهو الحكومية حتى أنه فضل الانسحاب من الائتلاف “أزرق أبيض” بزعامة الجنرال السابق بيني غانتس عندما اختار هذا الأخير بعد انتخابات مارس/ آذار 2020 تشكيل تحالف مع نتانياهو. وهذا الانسحاب عاد على حزبه بنتائج انتخابية إيجابية، أهلته لاحتلال المرتبة الثانية في الاقتراع المبكر في مارس/آذار 2021.
نتانياهو “عمره 71 عاما، لن يتغير”… “لن يدعك تمسك بالمقود”
دخل يائير لابيد السياسة مع تأسيس حزبه “يش عتيد” إذ ترك العمل التلفزيوني كنجم كبير على القناة الإسرائيلية الثانية، فيما يتهمه منتقدوه أنه استغل نجوميته على الشاشة الصغيرة في البرامج الحوارية لكسب مؤيدين في مشروعه السياسي الرامي اليوم إلى “الإطاحة” بنتانياهو.
واستطاع طيلة سنوات أن يرسخ لدى الناخب الإسرائيلي أنه يشكل معارضة حقيقية لرئيس الوزراء المنتهية ولايته، تحمل بدائل لسياساته التي استمرت لسنوات، ويرفض أي تفاوض معه للدخول في تحالفات حكومية. واعتبر في تصريح أنه لا يسعى إلى المنصب، بل يريد بناء ائتلافات مع أحزاب أخرى بغاية الإطاحة بـ”الملك نتانياهو”.
وفي حديث سابق له لوكالة الأنباء الفرنسية، يفسر سبب موقفه من نتانياهو بحديث جمعه مع حليفه السابق في “أزرق أبيض” بيني غانتس بالقول: “قلت (لبيني غانتس) سبق وعملت مع نتانياهو… هو لن يدعك تمسك بالمقود”، وتابع: “قال لي غانتس إننا نثق به، لقد تغير. فأجبته: الرجل عمره 71 عاما، لن يتغير…”.
لابيد “المتواضع” ومتعدد المواهب، لا يحظى بثقة اليهود المتشددين
يتحدر يائير لابيد من تل أبيب التي ولد بها في تشرين الثاني/نوفمبر 1963، وهو نجل الصحافي ووزير العدل السابق تومي لابيد، والكاتبة شولاميت لابيد التي اشتهرت بالروايات البوليسية.
عمل لابيد في صحيفة “معاريف”، ثم انتقل إلى “يديعوت أحرونوت” الأوسع انتشارا في إسرائيل. وهو شخص متعدد المواهب، مارس الرياضة خاصة منها القتالية، كما كتب روايات بوليسية ومسلسلات تلفزيونية، وألف وأدى أغنيات، بل ولعب أيضا أدوارا في أفلام.
يقدم لابيد نفسه على أنه قومي وليبرالي وعلماني، يتموقع سياسيا في الوسط، ونجح مع مرور السنوات في استقطاب فئة من الناخبين، تجد نفسها في هذا الصف السياسي. ويقول الصحافي يوفال كارني العامل في “يديعوت أحرنوت” في تصريح نقلته عنه وكالة الأنباء الفرنسية: “إنه يمتنع عن أي تمجيد للذات…”، مشيرا إلى أن الإسرائيليين “يقدرون” تواضعه.
لكنه لا يحظى بنفس التقدير لدى اليهود المتشددين. فبعد الانتخابات الأخيرة، كان لابيد قد عرض على زعيم اليمين المتطرف نفتالي بينيت تقاسما للسلطة يقوم على التناوب، غير أن عرضه قوبل بالرفض.
“مختلف عن اليمين الإسرائيلي، لأنه يؤمن بحل الدولتين، ومختلف عن اليسار الإسرائيلي”
“معروف عن لابيد تأييده لحل الدولتين، ومعارضته منح امتيازات لليهود المتدينين”، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول عن وسائل إعلام عبرية بينها صحيفة “يسرائيل هيوم”.
أما صحيفة “الأخبار اللبنانية”، فأشارت إلى أن لابيد عقد المؤتمر التأسيسي الأول لحزبه “يش عتيد” في مستوطنة “آرئيل”، ثانية أكبر المستوطنات في الضفة الغربية، ليعلن برنامجه الانتخابي. واعتبرت أن “في ذلك رسالة سياسية واضحة تعكس فحوى برنامجه الحزبي الذي تبنى الدفاع عن حق المستوطنين في البناء في التجمعات الاستيطانية الكبيرة”.
كما أشارت الصحيفة في الوقت نفسه إلى أنه “أعلن دعمه لدفع عجلة المفاوضات مع الفلسطينيين، وأيد حل الدولتين”، على أن تكون “الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وإبقاء الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الإسرائيلية، واعتماد التعويض المالي بدل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على القدس موحدة عاصمة لإسرائيل”.
وأضافت الصحيفة أن لابيد يعتبر نفسه أنه “مختلف عن اليمين الإسرائيلي، لأنه يؤمن بحل الدولتين، ومختلف عن اليسار الإسرائيلي، لأنه صقوري لا يؤمن بنظرية إنهاء الصراع”.
هل ينجح لابيد في تشكيل حكومة؟
وعلى لابيد الحصول على أغلبية من 61 نائبا من أصل 120 لتشكيل حكومة، وإن لم يتمكن من ذلك، سيحيل الرئيس الإسرائيلي التكليف إلى الكنيست الذي سيكون أمام خيارين: تقديم توصية مكتوبة بنائب يحظى بدعم 61 نائبا على الأقل أو الدعوة إلى انتخابات جديدة، ستكون هي الخامسة خلال ثلاث سنوات.
وتفيد تقارير أن لابيد مدعوم في عمله لتشكيل حكومة من عشرات الأحزاب، وهو ما يمنحه الأمل في أن يتفوق في بناء ائتلاف، يقطع الطريق على خصمه السياسي الأول بنيامين نتانياهو. وستكون مدة 28 يوما الممنوحة له لهذا الغرض صعبة للغاية، إلا أنه “ذكي، وفصيح، ومجتهد” حسب صحيفة “يديعوت أحرنوت”، ما قد يساعده في النجاح بهذه المهمة.
Comments