اتحاد الشغل في الزاوية .. هل هي نهاية الدور “النقابي التقليدي” ؟
منذر بالضيافي
عاد الخطاب التصعيدي للمنظمة النقابية، الاتحاد العام التونسي للشغل، في سياق سمته الأساسية حالة قطيعة بين المركزية النقابية والسلطة التنفيذية ( الحكومة والرئاسة)، وتراجع كبير ولافت للدور ” الوطني” للمنظمة.
دور تعود الاتحاد على لعبه، خاصة في زمن الازمات، حيث يتحول مكتب الامين العام الى مزار للأحزاب السياسية ، التي ” تناشده” التدخل بل اكثر من ذلك “تستنصر ” به وتجعل منه “ملاذ” في مواجهة السلطة.
وكانت المنظمة الشغيلة، دوما في الموعد برغم تغليف خطابها بدورها التاريخي الوطني، في محاولة لممارسة ” التقية” عن الظهور كلاعب سياسي يحل محل الاحزاب والفاعلين الحزبيين والسياسيين .
وكان ثقلها ” التاريخي” و ” الرمزي” يشفع لها بهذا الدور، ويجعل مكونات الطبقة السياسية حكما ومعارضة تقبل به، ولعل ادارتها للحوار الوطني سنة ٢٠١٣ خير دليل على ما كانت تحظى به المنظمة من مكانة ودور .
عاد الخطاب التصعيدي للمنظمة النقابية، الاتحاد العام التونسي للشغل، في سياق سمته الأساسية حالة قطيعة بين المركزية النقابية والسلطة التنفيذية ( الحكومة والرئاسة)، وتراجع كبير ولافت للدور ” الوطني” للمنظمة.
دور تعود الاتحاد على لعبه، خاصة في زمن الازمات، حيث يتحول مكتب الامين العام الى مزار للأحزاب السياسية ، التي ” تناشده” التدخل بل اكثر من ذلك “تستنصر ” به وتجعل منه “ملاذ” في مواجهة السلطة.
لكن، في الظرف و السياق السياسي الحالي، الذي يتسم باللايقين، في ظل أزمة داخلية شاملة ومعقدة وسياق دولي متوتر، وهو ما يجعل كل السيناريوهات ممكنة ومتوقعة، في ظل هذا الواقع الذي رماله متحركة، يبدو ان منظمة حشاد قد فقدت الكثير من ” مكانتها”، سواء لدى قطاع واسع من المجتمع، يحملها البعض من المسؤولية عن فشل ” عشرية الثورة”.
وحتى داخل بيتها الداخلي، فان هناك تناقضات بدأت ترتقي لتصدعات، حول الادارة والتسيير والمسألة الديمقراطية ، وصلت الى اروقة المحاكم ، وهو ما اضر بصورة النقابة وبالتالي اثر على دورها التقليدي، فضلا عن بروز اصوات جدية في الحقل السياسي وخاصة الاقتصادي ، تدعوا الى ضرورة مراجعة الممارسة النقابية، وصل حد اعتبار العمل النقابي معيقا للاستثمار.
وهو ما جعل السلطة الجديدة، ممثلة في الرئيس سعيد، التي تعادي كل ما يسمى بالوسائط ( احزاب، منظمات ومجتمع مدني …)، تقدر ان الفرصة سانحة للتخلص من “لاعب مزعج”، خصوصا وانها – اي السلطة- قد وفقت لحد الادنى في تهميش الاحزاب
ولعل مسار الاستحقاق الانتخابي الجاري ، خير دليل على كسب رهان اقصاء الاحزاب السياسية. فهل ستنجح السلطة في اقصاء الاتحاد وسجنه في المربع النقابي/ الاجتماعي تحت سطوة وخيارات الادارة؟
في ظل تراجع وتفكك الأحزاب، اصبح اتحاد الشغل يدرك جيدا انه يواجه نفس مصير الاحزاب، وهذا ما بدات مؤشراته تبرز بوضوح ، من خلال سياسات الحكومة، التي لم تعد تتعاطى مع المنظمة كشريك اجتماعي.
بل انها تجاوزت ذلك الى تهميشه، عبر تعمد وضعه في الزاوية، رسالة وصلت لشركاء تونس الدوليين، ونعني هنا صندوق النقد الدولي ، الذي لم يعد يشترط موافقة الاتحاد ، وفي طريقه للاتفاق مع تونس، غير مبال بما كان يسمى ” الفيتو النقابي”.
الآن ، لم يعد الاتحاد لا يمسك بالمبادرة الاجتماعية فما بالك بالسياسية مثلما كان في زمن ” عشرية الثورة” … فهل يمكن تصور حياة سياسية بدون أحزاب قوية ومهيكلة ولها برامج؟ و هل من مصلحة المنظمة الشغيلة التورط في الشأن السياسي كما يحصل الان برغم اصرارها على أن دورها تعديلي فقط ؟
في ظل تراجع وتفكك الأحزاب، اصبح اتحاد الشغل يدرك جيدا انه يواجه نفس مصير الاحزاب، وهذا ما بدات مؤشراته تبرز بوضوح ، من خلال سياسات الحكومة، التي لم تعد تتعاطى مع المنظمة كشريك اجتماعي.
و هل سيقبل الاتحاد بحكومة يمينية مجبرة على الانصياع والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي ؟ و هل أمام تونس خيارات أخرى بديلة عن المؤسسات المالية الدولية ؟ و أي دور للعمل النقابي في ظل أزمة سياسية و انهيار اقتصادي؟
أسئلة مهمة تبحث لها عن أجوبة، ستكون المفتاح لتحديد معالم المرحلة القادمة، التي لا يمكن التنبؤ بها فقط على ضوء “اللحظة السياسية” الراهنة، اذ أنها ستكون مقدمة لتقييم وم راجعات لأرث دولة الاستقلال، على قاعدة “: “القطيعة والتواصل”.
Comments