الجديد

اتصال سياسي: هل “خانت” لغة الجسد إلياس الفخفاخ ؟

أمال العدواني

لن أتناول هنا محتوى لقاء رئيس الحكومة الذي تم بثه على نواة لأنه أعاد نفس ما قيل في جلسة المئة يوم أمام البرلمان وإنما سأحاول متابعة لغة جسده في مقاربة مع محتوى الخطاب ومع طريقة طرح الأسئلة لأني أعتقد أن لغة الجسد مهمة جدا في دراسة أقوال السياسيين لمعرفة الباطن عما ينطق …

وألاحظ فقط أن هناك كثيرا من السياسيين قد خانتهم لغة الجسد خاصة في ما يتعلق بقضايا كبرى على غرار الوزير الفرنسي Cahuzac الذي أخفى امتلاكه لأرصدة مالية بسويسرا وتمسك ببراءته ولكن الاتصالين في ذلك الوقت أصروا أنه يخفي الحقيقة معتمدين فقط على لغة الجسد إلى أن أظهر التحقيق فعلا امتلاكه لأرصدة مالية خارج فرنسا حيث غادر على إثر ذلك حكومة هولاند سنة 2013 .

لقاء الفخفاخ مع موقع “نواة” (أمس الخميس)  في ظاهره أراد من خلاله الفخفاخ أن يبين للرأي العام أنه رجل المرحلة وأنه يواصل عمله رغم التحقيق الذي أخذ مجراه كما أعلن عن ذلك اللقاء على ما أعتقد كان بمكتب الفخفاخ وهو دلالة على الحركية l’action وأن جل وقته مخصص للعمل.

ارتدى الفخفاخ قميصا حاول أن تكون أكمامه مطوية للنصف على الطريقة الأمريكية وغالبا ما تستعمل هذه الطريقة في الحملات الانتخابية، هنا وكأن رئيس الحكومة في وضع انتخابي يحاول من خلاله جمع مؤيدين له ولحكومته، ليتمكن من مواصلة عمله والرسالة موجهة للأحزاب ولعموم التونسيين.

قام الفخفاخ بتغيير نظاراته وهذا لاحظناه منذ اللقاء التلفزيوني السابق مما أعطاه مسحة chaleureuseعكس الانتخابات الرئاسية، في ما يخص الجلسة أراد الفخفاخ أن يظهر للمشاهد أنه في أريحية نفسانية وأنه يمتلك الفضاء والمكان وقد يظن المشاهد أن وضع الفخفاخ لساق على أخرى هو نوع من الراحة ولكن العكس هو الصحيح …

فوضع ساق على أخرى بتلك الطريقة في حوار صحفي هو بحث عن التوازن، أضف إلى ذلك أن رئيس الحكومة يستند بيديه للكرسي الذي يجلس عليه مما يوحي عن بحثه المستمر على ايجاد التوازن…

كما نلاحظ غياب التوازن خاصة عندما قام في مرات عدة بمحاولة الاستقامة في جلسته، ولكنه لم يتمكن من ذلك فيعود بسرعة البرق لجلسته الأولى، ووضع الساق اليسرى على اليمنى.

يضاف إلى ذلك أن شكل الجلسة يوحي بإخفاء بعض الأشياء في الملفات المطروحة، و في ما يخص الأسئلة سأكتفي بسؤالين هنا لكي لا أطيل التحليل، السؤال الأول والذي من أجله تم اللقاء وهو المتعلق بتضارب المصالح …

كان رئيس الحكومة  ينتظر السؤال ولكن رغم ذلك ظهر عليه الاحراج والقلق فعندما كان الصحفي يطرح السؤال رفع الفخفاخ يده بحركة لاإرادية وقام بملامسة إن لم نقل حك الجانب الأيسر لعينه اليسرى وهو دلالة على انزعاجه من الموضوع ومحاولته الهروب لأجوبة جاهزة ومعادة.

ويظهر انزعاج رئيس الحكومة خاصة عندما سأله الصحفي عن وجوده في مجلس إدارة إحدى المؤسسات الاقتصادية، هنا تشابكت أيدي الفخفاخ وكأنه لا يريد الحديث في الموضوع، وأن هناك أشياء لا يجب أن تقال …

بدأ انزعاج الفخفاخ منذ اللحظة الأولى التي طرح فيها الصحفي السؤال فقد سبق اجابته بابتسامة نعبر عنها بـــun sourire social وهي ابتسامة pour banaliser القضية رغم خطورتها بالنسبة له،  ولكنه أراد أن يتناول المسألة بابتسامة عادية،  وكأن الأمر لا يعنيه كثيرا.

السؤال الذي أحرج الفخفاخ  – حسب رأيي –  كان حول صندوق النقد الدولي خاصة عندما تحدث عنه الصحفي كالتلميذ النجيب لـــFMI عندها تحرك الفخفاخ بكامل جسده وارتفعت يده بطريقة لا إرادية لتحك أنفه بسرعة فائقة وتحركت رموش أعينه أكثر من 10 مرات في الثانية وارتمى إلى الخلف في مقعده مخلفا ضحكة يحاول من خلالها الاختفاء وراء انزعاجه وقلقه.

ربما مرده الخوف من انكشاف الأمر بالنسبة للتونسيين عموما وهي الحقيقة التي يحاول إخفاءها خاصة عند تكراره لقوله “جينا باش نخدموا تونس” …فالفخفاخ يريد أن يثبت للشعب أنه ابن الشعب ورسالته هي خدمة تونس ولا يريد أن يعرف الشعب علاقته الوطيدة بصندوق النقد الدولي.

في المحصلة،  اللقاء (مع نواة )  دام قرابة 44 دقيقة كان خلالها الفخفاخ و كما نقول بالتونسي “وكأنه جالس على الجمر” ، فقد حاول لأكثر من ثماني مرات تعديل ربطة العنق، كما حاول كثيرا الاستناد على كرسيه ليجد التوازن.

بعض المقاطع من الحوار غاب عنه الصوت لحد انقطاع التنفس أحيانا فأصبحت الحروف حلقية ينطقها بصعوبة …

أما عند متابعة حركة عيونه نجده في بعض الأسئلة ينظر للسقف وكأنه يحاول البحث عن دعم له ولحكومته .

أما حول مواطن القوة في خطاب الفخفاخ، فقد كانت  قليلة المرات التي أحسسنا فيها بقوة الخطاب، من خلال لغة الجسد وكانت خاصة عند حديثه على فريقه الحكومي،  فقد استعمل le poignet de la main وكأنه قائد حرب يريد أن يبث القوة والصمود في جنوده لمواصلة المشوار .

عموما أعتقد أن الفخفاخ يمر بوضع صعب رغم محاولته إخفاء ذلك وهو يخوض حربا حقيقية سواء داخل الحكومة أو مع الأحزاب أو مع الرأي العام …ويبقى السؤال المطروح هل يصمد أو تصمد حكومته؟

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP