اعتقال مئات الأشخاص بعد تجدد الاحتجاجات الليلية والجيش ينتشر في عدة مدن
التونسيون/ وكالات/
أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن اعتقال حوالي 600 شخص أغلبهم من الشباب إثر مواجهات ليلية تجددت في تونس العاصمة ومدن أخرى رغم فرض حجر صحي تام في البلاد لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
وقال المتحدث بإسم وزارة الداخلية إن المعتقلين قاموا بحرق العجلات المطاطية والحاويات لعرقلة قوات الأمن. كما أفادت وزارة الدفاع بأن الجيش التونسي انتشر في عدة مدن ومناطق من البلاد. وشهدت أحياء شعبية في العاصمة تونس وبنزرت ومنزل بورقيبة وسوسة ونابل وسليانة والقصرين مواجهات وأعمال عنف بين الشبان والشرطة وأعمال نهب طالت عددا من المتاجر.
واعلن عن اعتقال نحو 600 شخص بعد الليلة الثالثة على التوالي من الاضطرابات فيما نُشرت قوات من الجيش في بعض المناطق، حسب ما أفاد مسؤولون الاثنين.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني إن إجمالي عدد الموقوفين بلغ 632 شخصًا، أبرزهم “مجموعات من الأفراد أعمارهم بين 15 و20 و25 عامًا تقوم بحرق العجلات المطاطية والحاويات بهدف عرقلة تحركات الوحدات الأمنية”. وقالت وزارة الدفاع إن الجيش انتشر في عدة مدن.
وإثر ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا المستجد فرضت تونس الإغلاق الخميس وهو اليوم الذي صادف مرور عقد على الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي بعد احتجاجات شعبية.
واندلعت التحركات الليلية الأحد في حيّ التضامن الشعبي بضاحية تونس العاصمة، وفي عدد من المدن الأخرى داخل الجمهورية، تمّ خلالها إلقاء حجارة قابلتها قنابل غاز مسيل للدموع، على الرغم من الحجر الصحّي المفروض.
احتجاجات ليلية
وإذا كان الحجر العامّ المفروض لأربعة أيّام في مواجهة فيروس كورونا والذي ينتهي الأحد قد خنق هذا العام ذكرى الثورة، إلّا أنّه لم يحل دون حصول اضطرابات لم تُعرف دوافعها الدقيقة بعد. وتأتي الاشتباكات في سياق من عدم الاستقرار السياسي وتدهور الوضع الاجتماعي في تونس.
ووقعت أعمال عنف خلال الأيام الماضية في أحياء شعبية خصوصا في تونس وبنزرت ومنزل بورقيبة (شمال) وسوسة (شرق) ونابل (شمال غرب) وسليانة (وسط) بحسب مراسلي وكالة الأنباء الفرنسية وتسجيلات فيديو نشرها سكان على الإنترنت.
وأظهرت تسجيلات الفيديو شبّانا في مدن عدّة يحرقون إطارات ويوجّهون إهانات للشرطة أو ينهبون متاجر.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، عزا تونسيّون أعمال العنف هذه إلى فشل الطبقة السياسية في تحسين الأوضاع، ودعا آخرون إلى البحث عن “الجهات التي تقف وراء أعمال الشغب هذه” والتي أدت إلى “إحداث فوضى”.
وفي الشوارع، يملأ شبّان جيوبهم بالحجارة. ويقول أحدهم “إنّها للأعداء”، في إشارة إلى عناصر الشرطة.
ولا يعلو دويّ صافرات الإنذار على أصوات ألعاب ناريّة أُلقيت من أسطح المنازل التي وقف عليها شبّان واستهدفوا ليلاً أجهزة الشرطة والدّرك بالحجارة.
وبينما كانت قوّات الأمن تُطلق الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق مجموعات الشبّان الموجودين في المكان، قال أحد عناصر الدرك متوجّهاً إليهم عبر مكبّر للصوت “عودوا إلى منازلكم!”.
ويتمنّى عبد المنعم الذي يعمل في أحد المقاهي “لو كان هناك مَن يحكم على السياسيّين الفاسدين لدينا”، قائلاً إنّ مَن يشاركون في المواجهات “ليسوا إلا نتيجة فشلهم!”.
ويقول عبد المنعم إنّ “شبّاناً مراهقين يشعرون بالضجر هم مَن يرتكبون هذا العنف”. لكنّ الشابّ البالغ 28 عاماً يعتقد أنّ “الطبقة السياسيّة هي سبب هذه التوتّرات”.
وأدّت التوتّرات بين الأحزاب الممثّلة في البرلمان إلى إضعاف الحكومة التي أُجري عليها تعديل وزاريّ السبت لا يزال يتعيّن على البرلمان المصادقة عليه.
والطبقة السياسيّة منقسمة أكثر من أيّ وقت مضى منذ الانتخابات التشريعيّة في 2019، رغم تفاقم الأوضاع الاجتماعيّة جراء انتشار وباء كوفيد-19 (177231 إصابة منها 5616 وفاة) وغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة والتراجع المستمرّ للخدمات العامّة.
ويُضيف عامل المقهى “لا أرى أيّ مستقبل هنا! كل شيء حزين، متدهور، نحن في مأزق حقّاً!”، قبل أن يسحب سيجارة بعصبيّة، مبدياً تصميمه على السفر عبر البحر “في أسرع وقت ممكن، وبلا رجعة”.
منع تجوّل
وعادةً ما يشهد شهر جانفي/يناير تحرّكات في تونس، لأنّ هذه الفترة تُصادف ذكرى عدد كبير من النضالات الاجتماعية والديمقراطية الكبرى.
ويقول أسامة (26 عاماً) وهو من سكّان حيّ التضامن إنّ الأمر “لا يتعلّق بتحرّكات احتجاجية. إنّهم شباب يأتون من الأحياء المجاورة ليسرقوا ويستمتعوا”. ويضيف “إذا أردنا الاحتجاج، يكون ذلك في النهار وبوجوه مكشوفة”.
في حيّ الكرم الشعبي بشمال تونس العاصمة، كان سند عطيّة (18 عاماً) يستعدّ لقضاء المساء في الخارج، على الرّغم من حظر التجوّل الذي يبدأ سريانه الساعة 16,00، لينضمّ بذلك إلى مجموعات من الشباب الذين يتواجهون مع الشرطة.
ويقول “تركتُ المدرسة. كان الأمر عديم الفائدة. تدرّبتُ لأصبح لاعب كرة قدم”. ويضيف “لكن بوجود كوفيد، النادي مغلق، لا يمكننا فعل شيء، الآن كل ما أريده هو الذهاب إلى إيطاليا”.
Comments