“الأوليغارشيا” و قضاء الفقراء
محمد عمار *
منعت تونس من الجُملوكية (خاصة في قضية التوريث) بشق الأنفس و أثبتت أن المجتمع حي و لا يمكن للأولاد التحكم في البلاد بقضاء الأوامر و التعيينات في المراكز الحساسة.
تمنينا أن يحكمنا أنموذج الجينيوكراس حتى يمكن الدولة من مستوى معين من الذكاء الخلاق و القدرة على حل المشاكل ، و لا نرى أبناؤنا يستفيد من خبراتهم مغارب و مشارق الأرض.
فوجدنا أنفسنا للأسف في نظام هجين مغلف بالدغمائية و التشدد الأيديولوجي تظهر شعاراته جليًا كلما حلت علينا الانتخابات و نبتعد عن لب المواضيع الحارقة ، لكن في واقع الأمر تحكمنا الاوليغارشية التي ترفض منطق الصورة ،تتحكم في مفاصل الدولة و القطاعات الاقتصادية حسب العائلات و الجهات لنجد أنفسنا في نظام جمودي يرفض التجديد و التقدم و الإصلاح في السياسة و المجتمع.
كلما اقترب أحد من هذه الخطوط الحمراء تتحرك الأيادي الخفية لإصابة البلاد بالشلل و دق صافرات الإنذار وهي على استعداد تام لحرق البلاد في منشآتها الحيوية حتى لا يتم المساس بمصالحهم ..
و عليه فان الدولة مطالبة بتمكين القضاء من كل الإمكانيات المادية واللوجستية وحمايته دون التدخل فيه ، وعلى القضاة تحرير أنفسهم وتجديد هياكلهم وضخ روح الشباب الراغب في خدمة تونس دون أوامر من أحد ، لأنه من غير المعقول أن يكون هناك قضاء للفقراء و قضاء للأغنياء و من يشتبه به يتحصن بالمستشفيات لذلك نرغب في قضاء عادل و نزيه ..
ألم تدرسنا الدولة أن العدل أساس العمران. لعمري ، أن التحكيم و القضاء هما جوهر العملية التنموية في تونس و خاصة تحسين مناخ الاستثمار وحث المستثمرين الأجانب في بعث مشاريعهم في تونس ، فبعد الرقمنة التي ستقضي على أشكال البيروقراطية فان القضاء العادل سيجعل من تونس قبلة للمستثمرين بعد القيام بدوره في ادماج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الحقيقي عبر ضرب لوبيات التهريب و المافيات التي تحيط بتونس برا و بحرا و جوًا.
النائب والقيادي في التيار الديمقراطي
Comments