الاضراب النقابي في القطاع العام .. هل اختار اتحاد الشغل تصدر معارضة قيس سعيد ؟
منذر بالضيافي
لابد من وضع الاضراب العام في القطاع العمومي، الذي أقره الاتحاد العام التونسي للشغل، غدا الخميس 16 جوان 2022، ضمن السياق السياسي الذي دخلته البلاد بعد 25 جويلية 2021، والمتمثل في اقرار “حالة الاستثناء”، واصدار المرسوم 117 الذي هو عبارة عن “دستور صغير” لإدارة المرحلة الاستثنائية، الذي خول للرئيس سعيد الاستفراد بحكم وتسيير البلاد، بصفة منفردة وبالمراسيم.
في ظل تهميش مقصود لكل الأجسام الوسيطة ( الأحزاب والمجتمع المدني)، بما فيها اتحاد الشغل الذي تعاطى “بإيجابية” مع “واقعة 25 جويلية”، وأراد أن يلعب دورا من خلال دعوته الرئيس لحوار وطني، مبادرة قوبلت بعدم التجاوب من قصر قرطاج، في رسالة واضحة لبطحاء محمد علي، مفادها أن الدور التقليدي الذي سبق وأن لعبه الاتحاد، أصبح غير مرغوب فيه في “عهد” قيس سعيد، وهو ما دفع المنظمة الشغيلة الى اعادة النظر في علاقتها بالرئيس.
وذلك، من خلال بداية التصعيد التدريجي، عبر خطاب نقدي لمسار الرئيس السياسي، وكل الاجراءات والقرارات التي أقدم عليها قصر قرطاج، لإعادة هندسة المشهد وفق تصوراته وما يخطط له في المستقبل، والمتمثل في توفير الأرضية والمقومات المساعدة على انجاز “مشروعه السياسي”.
وهنا حرصت المنظمة على اعطاء معارضتها لبوسا نقابيا ومطلبيا، لكن هذا لم يخف طابعها السياسي وحتى الوطني، ما جعل من الاتحاد يبرز في دور حامل لواء المعارضة لسياسات وخيارات الرئيس سعيد، وتحولت معها دار الاتحاد الى مزار لمعارضي الرئيس، باستثناء اسلاميي حركة “النهضة”.
وكانت بداية “التصعيد”، من خلال رفض الهيئة الادارية الوطنية للمنظمة الشغيلة، المشاركة في الحوار الذي دعا له رئيس الجمهورية، اذ أعلن الاتحاد رفضه المشاركة في الحوار الوطني الذي اقترحه الرئيس قيس سعيد من أجل “جمهورية جديدة”، معتبرا أنه “شكلي” ويقصي القوى المدنية.
و أقرت الهيئة الادارية الوطنية، وهي أعلى سلطة قرار بعد المؤتمر و بالإجماع القيام بإضراب وطني في القطاع العام، وذلك للدفاع عن الحقوق الاقتصادية للموظفين واحتجاجا على رفض الحكومة زيادة الأجور.
وبرز التوجه التصعيدي من قبل المنظمة النقابية، في خطابات الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي ، وخاصة خطاب السبت 11 جوان 2022 في اجتماع بالاطارات النقابية بقصر المؤتمرات في العاصمة.
واعتبر الطبوبي يومها، ان “من المسائل الخطيرة جدا ان تتخذ حكومة انتقالية ومعينة بمرسوم كل الخيارات والقرارات المتعلقة بالاصلاحات” داعيا التونسيين الى “الانتباه والى الاطلاع على ما يصدر من مراسيم وقرارات”، متسائلا : “هل ان من حق هذه الحكومة ان تتخذ قرارات تتعلق بمصير البلاد ؟”.
فهل اختار اتحاد الشغل “المواجهة” مع الرئيس سعيد وحكومته، التي رفضت الاستجابة للحد الأدنى من مطالب المنظمة وفق تأكيد النقابيين، حيث فشل لقاء الطرفين منذ يومين في تجسير فجوة الخلافات بينهما، وكأن الحكومة وقصر قرطاج اختاروا هم أيضا بدورهم “التصعيد” و “المواجهة” ؟ وأخيرا، هل أن المنظمة الشغيلة اختارت لعب دور سياسي و وطني في ظل ضعف المكونات الحزبية، وهو دور قامت به منذ تأسيسها ؟
Comments