الباجي قايد السبسي…"ذكاء سياسي حاد وبراغماتية استثنائية"
تونس- التونسيون
اهتمت كل وسائل الاعلام العربية والدولية بالجنازة التاريخية للرئيس الباجي قايد السبسي التي واكبها عدد من زعماء العالم فضلا عن حضور شعبي لافت عبر من خلاله التونسيين عن حبهم للرجل ومكانته في قلوبهم .. ننشر هنا تقرير نشره موقع “فرانس 24”.
ودع التونسيون الخميس محمد الباجي قايد السبسي، وهو أول رئيس للبلاد ينتخب ديمقراطيا. كما أنه سياسي مخضرم، أكسبته مسيرته السياسية الطويلة الكثير من الخبرة والتجربة. وينظر له من عملوا بجانبه كسياسي يمتاز بـ”الذكاء السياسي الحاد والبراغماتية الاستثنائية”. وعرف أيضا بمواقفه المتقدمة في الدفاع عن حقوق المرأة.
شغل الرئيس التونسي الراحل محمد الباجي قايد السبسي عدة مناصب في الدولة، وهو سياسي مخضرم عايش أكثر من جيل في حياته كسياسي ورجل دولة. ويعد أول رئيس انتخب ديمقراطيا في 2014 عقب ثلاث سنوات على الثورة.
ولد السبسي لعائلة بورجوازية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1926 في “سيدي بوسعيد” الضاحية الشمالية للعاصمة تونس، وتابع تعليمه العالي بكلية الحقوق بباريس في فرنسا قبل أن يمتهن المحاماة.
وكان قايد السبسي (92 عاما) أكبر رئيس دولة سنا، يتولى مهامه بعد ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية.
السياسي “الذكي والبراغماتي“
عاد إلى السياسية بعيد الثورة التي أطاحت في 14 يناير/ كانون الثاني 2011 بنظام بن علي، إذ عينه الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع رئيسا للحكومة في 27 فبراير/شباط من العام نفسه في مستهل مرحلة الانتقال ديمقراطي.
ويعد من السياسيين التونسيين الذين عرفوا بـ”الذكاء السياسي الحاد والبراغماتية الاستثنائية” كما يقول أحد المقربين منه عمل إلى جانبه لفترات طويلة.
منذ 2015 دخل حزب الباجي في صراعات داخلية على القيادة. وبدأت مشاكل الحزب والاتهامات الموجهة لنجل الرئيس حافظ قايد السبسي في السيطرة على القيادة، تؤثر على صورته واستقال من كتلته البرلمانية العديد من النواب ليصل عددهم حاليا إلى 37 بعد أن كانت تضم 86 نائبا.
وجهت له في السنوات الأخيرة من عهدته الانتخابية انتقادات حول محاولته “توريث” السلطة لنجله حافظ قائد السبسي، ولكنه كثيرا ما كان ينفي ذلك.
واصل الباجي العمل على قاعدة التوافق السياسي مع حزب النهضة إلى حدود خريف 2018، ليعلن في موقف هز المشهد السياسي “نهاية التوافق”، بعد أن رفض الحزب الإسلامي تغيير رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، وتشبث في المحافظة عليه على عكس رغبة الباجي.
السبسي رجل دولة
يمتلك الباجي قائد السبسي خبرة سياسية واسعة، مكنته من نيل منصب رئيس حكومة انتقالي في 2011 في فترة حساسة تمر بها البلاد آنذاك. وتمكن من الوصول بها إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، التي فازت بها “حركة النهضة” الإسلامية.
كلفه الرئيس الحبيب بورقيبة بمهام في ديوان الوزير الأول في أول حكومة تشكلت بعد الاستقلال سنة 1956. وتدرج في مسؤوليات عدة، وتولى 3 وزارات سيادية هي الداخلية (1965-1969) والدفاع (1969-1970) والخارجية (1981-1986). وفي عهد الرئيس زين العابدين بن علي، تولى قائد السبسي رئاسة البرلمان (1990-1991).
وكانت هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالتحقيق في جرائم تخص تجاوزات حقوق الإنسان، وجهت له في أبريل/نيسان الفائت تهمة بكونه كان على علم بممارسات تعذيب، طالت معارضين في مرحلة من مراحل القمع التي عاشتها تونس.
أسس الباجي حزب “نداء تونس” في 2012 ودخل به الانتخابات على قاعدة مناهضة للإسلاميين. وتمكن من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان آنذاك وبرئاسة الجمهورية، وأعلن في وقت لاحق دخوله في تحالف وتوافق سياسي مع النهضة على الحكم.
وضم هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب “التجمع” الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي، والذي تم حله بقرار قضائي بعد الثورة.
وأصبح قائد السبسي أول رئيس لتونس منتخب ديمقراطيا، بعد فوزه في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أجريت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي. وقد حصل حينذاك على نسبة 55,68 بالمئة من الأصوات مقابل 44,32 بالمئة للمرزوقي.
السبسي المدافع عن حقوق المرأة
ينظر المدافعون عن حقوق المرأة في تونس للسبسي كأحد أبرز السياسيين، الذين يسيرون على خطى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في تعاطيه مع هذا الملف.
في هذا السياق، ألغى منع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم. كما أعلن في أغسطس/آب الفائت دعمه لمشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي، يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي أثار جدلاً كبيرا في البلاد.
وقال الرئيس التونسي في خطاب متلفز ألقاه آنذاك بمناسبة يوم المرأة التونسية: “أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانونا”. ولم يطرح مشروع القانون للمناقشة والمصادقة عليه منذ أن تم تقديمه للبرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
فرانس 24/ أ ف ب/ رويترز
Comments