البنك المركزي يحذر ويرفض طباعة الاوراق النقدية
في بيان له، ابدى البنك المركزي انشغاله من شح حاد في موارد التمويل الخارجي
وحذر من ان تمويله النقدي للميزانية سيدفع لتضخم كبير وهبوط احتياطي النقد الأجنبي
وبالتالي تراجع الدينار التونسي ومراجعة الترقيم السيادي
وبحسب الخبير الاقتصادي ارام بلحاج فانه “آخر إشعار يأتينا من البنك المركزي اليوم. حيث اعرب مجلس ادارته عن قلقه الشديد تجاه التراجع الحاد للموارد المالية الخارجية”.
وتابع ” كما بين (ولو بصفة غير مباشرة) بأن الحل المطروح في أقرب وقت هو الذهاب نحو الدول الشقيقة والصديقة لتعبئة أكبر قدر ممكن من الموارد لتجنب التمويل المباشر لعجز الميزانية”.
وشدد بلحاج انه ” وفي حال غياب هذا النوع من الحلول واتباع سياسة الأمر الواقع (création monétaire exnihilo)، ينبهنا البنك المركزي من التداعيات المحتملة والمتمثلة في تضخم كبير، انخفاض هام في احتياطيات تونس من العملة الصعبة، تدحرج لسعر صرف الدينار وتوتر علاقات تونس مع الجهات المانحة ووكالات التصنيف السيادي!”
في ما يلي نص البيان:
البنك المركزي يعبر عن انشغاله بخصوص الشح الحاد في الموارد المالية الخارجية مقابل حاجيات هامة لاستكمال تمويل ميزانية الدولة لسنة 2021.
الاسباب تخوفات خارجية من الوضع المالي في البلاد و خاصة غياب تطمينات للاستثمار الداخلي والخارجي …
عجقد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي اجتماعه الدوري يوم 6 أكتوبر 2021 وناقش مختلف النقاط المدرجة بجدول أعماله. وفي بداية أشغاله، استعرض آخر تطورات الظرف الاقتصادي والنقدي والمالي، لا سيما البيانات المتعلّقة بالنشاط الاقتصادي، حيث عرف الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثاني من سنة 2021، ارتفاعا بـ 16,2% مقارنة بنفس الثلاثي من السنة المنقضية وتراجعا بـ2% مقارنة بالثلاثي السابق نتيجة خاصة للتأثير القاعدي لانخفاض النشاط الاقتصادي خلال نفس الفترة من السنة السابقة. كما تبرز هذه النتائج المسجلة تعافيا نسبيا لبعض القطاعات خاصة الصناعات المعملية المصدّرة بالعلاقة مع تواصل تحسن الطلب من منطقة الأورو بالإضافة إلى التحسن الملحوظ لإنتاج المحروقات نتيجة مساهمة حقلي نوارة وحلق المنزل في الإنتاج والعودة التدريجية لقطاع الفسفاط. وفي المقابل، لا تزال بعض القطاعات تشكو من تواصل تأثير الأزمة الصحية كوفيد-19عليها، لا سيما قطاع الخدمات.
وفيما يتعلق بتطور الأسعار، لاحظ المجلس استقرار نسبة التضخم، بحساب الانزلاق السنوي، في حدود 6,2٪، في شهر سبتمبر 2021 للشهر الثاني على التوالي مقابل 5,4٪ خلال نفس الشھر من السنة الماضية. كما عرفت أبرز مؤشرات التضخّم الأساسي تطورا طفيفا، إلى +6٪ مقابل +5,9٪ في الشهر السابق بالنسبة لمؤشر “تضخّم المواد فيما عدا الغذائيّة والطاقة” و +5,4٪ مقابل +5,3٪ بالنسبة لمؤشر “تضخّم المواد فيما عدا المؤطّرة والطازجة”.
أما فيما يخص آخر تطورات القطاع الخارجي، فقد سجّل المجلس تقلّص العجز الجاري، خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2021، ليصبح في حدود 3,5٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4,8٪ قبل سنة. وتعزى هذه النتيجة أساسا إلى تواصل تدعم مداخيل الشغل (+42,8٪) مع تحسن نسبي للمداخيل السياحية (+5,2٪) مقابل توسع العجز التجاري (فوب-كاف) بـ 13,7٪ بالعلاقة مع تطور الواردات. أما صافي تدفقات رؤوس الأموال الخارجية، فقد سجل انخفاضا حادا نتيجة لتراجع حجم الموارد الخارجية التي وقع تعبئتها بالإضافة إلى ارتفاع النفقات بعنوان تسديد أصل الدين. وبالعلاقة مع هذه التطورات، انخفضت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية إلى 20.962 م.د أو 127 يوم توريد في موفى سبتمبر 2021 مقابل 23.099 م.د و162 يوم في موفى سنة 2020.
وفي هذا السياق، أبدى المجلس انشغاله بخصوص الشح الحاد في الموارد المالية الخارجية مقابل حاجيات هامة لاستكمال تمويل ميزانية الدولة لسنة 2021، وهو ما يعكس تخوّف المقرضين الدوليين في ظل تدهور الترقيم السيادي للبلاد وغياب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي مما يستدعي تفعيل التعاون المالي الثنائي خلال الفترة المتبقية من السنة لتعبئة ما أمكن من الموارد الخارجية وذلك لتفادي التمويل النقدي في هذه الفترة لما يتضمّنه من تداعيات لا على مستوى التضخم فقط بل أيضا على الاحتياطي من العملة الأجنبية وعلى إدارة سعر صرف الدينار، بالإضافة إلى أثره السلبي على علاقة تونس بالمؤسسات المالية المانحة ووكالات الترقيم السيادي.
ومن ناحية أخرى، شدّد المجلس على أن تدهور المالية العمومية التي تعاني وضعية هشة علاوة على تداعيات ارتفاع الاسعار العالمية للنفط من شأنه المساس باستدامة الدين العمومي إلى جانب التأثيرات السلبية لارتفاع مديونية القطاع العمومي تجاه القطاع البنكي خاصة على قدرته على تمويل المؤسسات الاقتصادية، كما أضاف أن استمرار هذه الوضعية سيكون له تداعيات جدّ سلبية على التوازنات الخارجية وسوق الصرف.
وإثر المداولة والنقاش حول المواضيع سالفة الذكر، عبّر المجلس من جديد عن عميق انشغاله بالنظر إلى دقة الوضع المالي الحالي، حيث شدّد على ضرورة التعجيل في إعطاء إشارات واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب بخصوص استرجاع نسق النشاط الاقتصادي والتوازنات الكلية والمالية وتعزيز حوكمة القطاع العمومي وتحسين مناخ الأعمال والرفع من المجهود الاستثماري. وأكّد أنّ البنك المركزي سيستمر في الاضطلاع بدوره في دعم الاقتصاد الوطني وفي متابعته الدقيقة لتطور المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية. وفي نهاية أشغاله، قرّر المجلس الإبقاء على نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي دون تغيير.
Comments