التايمز البريطانية: “الانتخابات الرئاسية الليبية: اختيار بائس لمرشحين يدعمون الفوضى”
تناول مقال نشر اليوم بصحيفة التايمز البريطانية كتبه مراسل شؤون الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، بعنوان “الانتخابات الرئاسية الليبية: اختيار بائس لمرشحين يدعمون الفوضى”.
يقول الكاتب في مستهل مقاله إن مساعي مجموعة يصفهم بالفاسدين والمجرمين الباحثين عن السلطة، قد تدفع ليبيا التي مزقتها الحرب إلى منعطف درامي في مسيرتها نحو تحقيق الاستقرار والسلام.
ويبدأ سبنسر باستعراض أبرز المرشحين وهو سيف الإسلام القذافي، نجل الديكتاتور الراحل معمر القذافي، والذي وجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية عريضة اتهام بارتكاب جرائم حرب، ومنعته مؤخرا لجنة الانتخابات من الترشح للرئاسة، بعد إدانته قبل خمس سنوات في ليبيا بنفس الاتهامات، التواطؤ مع والده في قمع احتجاجات معارضة لنظام حكمه.
ويشير الكاتب إلى أن مساعي سيف الإسلام إلى اغتنام الحنين الشعبي نحو الاستقرار النسبي خلال فترة حكم والده، التي امتدت 40 عاما، لاسيما بين جموع الناخبين الشباب الذين لا يتذكرون سوى القليل، قد انتهت الآن.
ويقول سبنسر إنه على الرغم من ذلك فإن المرشحين الرئيسيين الذين بقوا في الساحة الديمقراطية الجديدة في ليبيا بالكاد يثيرون شهية الناخبين، حفتر البالغ من العمر 78 عاما، كان ضابطا في الجيش في عهد القذافي قبل أن ينشق، وهو نفسه متهم بارتكاب جرائم حرب في الصراع الذي مزق ليبيا في السنوات السبع الماضية.
وتحدث الكاتب عن مرشح آخر هو عقيلة صالح، البالغ من العمر 79 عاما، رئيس مجلس النواب المنقسم في البلاد، وهو يخضع لعقوبات أمريكية بتهمة تقويضه “السلام والأمن والاستقرار”.
أما الوجه الرابع البارز، بل المرشح الأفضل للفوز على الأرجح، رغم قلة استطلاعات الرأي الموثوق بها، فهو الدبيبة ، البالغ من العمر 63 عاما، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء المؤقت، وهو ينتمي لعائلة تجارية متهمة على نطاق واسع بالفساد، بحسب كاتب المقال.
ويقول الكاتب إن التسوية السياسية التي قادتها الأمم المتحدة في فبراير/شباط الماضي، والتي عززت وقف إطلاق النار في الحرب ومهدت الطريق لإجراء انتخابات، استبعدت على وجه التحديد، القادة الذي يشغلون مناصب مؤقتة من الترشح لشغل مناصب دائمة، وهو ما تجاهلته لجنة الانتخابات، الأمر الذي أثار غضب الجميع تقريبا، بما في ذلك المفاوضون الذين وضعوا اتفاق فبراير/شباط بشق الأنفس واعتقدوا أن ثمة بارقة أمل كي تضع ليبيا قدمها على طريق السلام.
وقال أحد المراقبين إن الاتفاق ترك صلاحيات الرئاسة وشروط أهلية المرشحين من دون تحديد، مشيرا إلى أنه يلزم “تحديد قواعد بحيث تكون هناك قيود، مثل عدم السماح لمجرمي الحرب بالترشح”.
ويقول سبنسر في مقاله إن سيف الإسلام، البالغ من العمر 49 عاما، عندما أعلن ترشحه، كانت هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها علنا منذ اعتقاله، بعد الإطاحة بوالده وقتله على يد معارضين مدعومين من الغرب قبل عشر سنوات.
وصوّر سيف الإسلام نفسه في الماضي على أنه مصلح في نظام حكم والده، بيد أنه عندما وقّع أوراق ترشيحه، ارتدى ملابس بنية مماثلة لتلك التي كان القذافي يرتديها عندما هدد، في خطاب ألقاه خلال انتفاضة عام 2011، بملاحقة المعارضين له “من شارع إلى شارع، ومن منزل إلى منزل”، مثل الفئران.
وبغض النظر عن الصعوبات اللوجستية لتنظيم انتخابات في دولة تعاني فيها حكومتها، لم يكن هناك التزام من قبل الاتحاد الأوروبي أو أي من الوسطاء الخارجيين الآخرين بتوفير مراقبين للانتخابات.
وقد يؤدي الفشل في المضي قدما في الانتخابات، التي يطالب بها البعض، إلى عودة العنف، بيد أن رفض المرشحين قبول النتيجة، وهو أمر غير مستبعدا، بالنظر إلى “جيوشهم” الخاصة ودعم المرتزقة الأجانب المتنافسين، يمكن أن يؤدي إلى سيناريو أسوأ.
وقال يان كوبيس، مبعوث الأمم المتحدة لمجلس الأمن يوم الأربعاء: “عدم إجراء الانتخابات يمكن أن يؤدي إلى تدهور خطير للوضع في البلاد، كما يمكن أن يفضي إلى مزيد من الانقسام والصراع”.
وفي تطور مفاجيء يبعث على الحيرة في ظل وضع مربك بالفعل، قدم كوبيس، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه فقد السيطرة على عملية التفاوض برمتها، استقالته في نفس الوقت، وليس من الواضح إن كان سيُطلب منه البقاء في المنصب للإشراف على الانتخابات، أو من الذي قد يتدخل.
ويؤكد الكاتب إن إزاحة سيف الإسلام من الترشح لقيادة ليبيا يرفع حرجا كبيرا عن الغرب، حتى لا تكون العملية الانتخابية، التي ساعدت في هندستها، قد أعادت إلى السلطة نظاما لعب الغرب دورا فعالا في الإطاحة به بالقوة.
ويقول سبنسر إن من تبقوا في المشهد في الوقت الحالي، ليسوا الأكثر قبولا، مشيرا إلى ما أدلى به طارق المجريسي، الخبير السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قائلا: “عندما أُعلن عن الانتخابات كان الهدف هو التخلص من الديناصورات السياسية الليبية. هذا ما كان ينادي به الشعب الليبي، ويبدو الآن كما لو أن هذا العمل شاق للغاية”.
Comments