التعايش الصعب داخل قبة البرلمان
تونس- التونسيون
غطت مشاهد التلاسن و العنف اللفظي و إعاقة السير العادي للجلسة العامة و لاشغال اللجنة المؤقتة للمالية على المشهد السياسي و الإعلامي و على أحكام قانون المالية للسنة القادمة.
رغم ما في هذا القانون من إجراءات سيكون لها تأثير أشد على حياة التونسيين و التونسيات من مشاهد هي أقرب لصراع الديكة منها لإبراز إختلاف حقيقي بين النواب و كتلهم.
لا شك أن التونسيين قد تفاعلوا مع ظهور هذه المشاهد في المجلس الوطني التأسيسي بوصفها من الشروط الضمنية للقطع مع ما اعتبروه برلمانا صامتا لا مكان للحياة فيه زمن نظام الرئيس زين العابدين بن علي و للتشبه بالبرلمانات الديمقراطية التي تشهد أحيانا مشاهد عنف مادي و معنوي. و لكن الإغراق في هذه المشاهد جعل المواطنين التونسيين يسأمون من هذه المشاهد التي تأكد أنها غير مثمرة سياسيا.
لم يستطع مجلس نواب الشعب في العهدة النيابية السابقة(2014 -2019 ) القطع مع هذه الممارسات التي اعتبر الكثيرون انها قد اعاقت العمل البرلماني و افقدته جاذبيته و أساءت لصورته لدى الرأي العام.
و يبدو أن مجلس نواب الشعب الحالي لن ينجح في القطع مع هذه الممارسات بل انطلق “الاستعراض ” بصفة مبكرة و شهدت الجلسة الافتتاحية الحركات التسخينية لهذا الاستعراض. و يبدو أن أسبابا هيكلية تقف وراء التبكير بالعنف اللفظي بين أعضاء مجلس نواب الشعب الموقر.
تكفي العودة هنا إلى خطاب الحملة الانتخابية و إلى تصريحات قيادات الحزب الدستوري الحر و ائتلاف الكرامة و ما تضمنته من تبادل للعنف اللفظي و كل الاتهامات المقبولة و غير المقبولة و ما صرح به قادة الحزب الحر الدستوري من أنهم في حالة مقاطعة سياسية و إنسانية مع حركة النهضة في مجلس نواب الشعب.
و يضاف إلى ذلك أن عبير موسي غالبا ما تنزاح من دورها و مما يميزها عند تقديم خطابها من قدرة على التحليل و الاقتراح إلى توتر أقل ما يقال عنه أنه مرفوض و قد يحول حزبها إلى نسخة مشوهة من العريضة الشعبية و قد ينعكس سلبيا على تطور الحزب.
هناك ما يمكن اعتباره حالة العداوة الايديولوجية بين عدد من الكتل البرلمانية كالنهضة و ائتلاف الكرامة و الحزب الدستوري الحر و التي تتغذى من ماض متخيل في أغلبه و من رفض النظر للمستقبل بطريقة مغايرة و من الفوضى التي ميزت مسار المصالحة الوطنية و تركت ندوبا يوظفها البعض لترويج خطاب لا يخلو من الترويج للعنصرية و الكراهية و هو ما يزيد من الخوف على المستقبل. هناك طريقان لا ثالث لهما اليوم و هما إبداء صرامة في التصدي لهذا المنزلق و تفعيل القانون و تذكير النواب المحترمين بأنهم انتخبوا لاهداف أسمى و أنبل من تقليد الرعاع و السوقة في طريقة كلامهم و تصرفهم أو القبول بالأمر الواقع و هو مزيد تدمير المؤسسات و ترذيل العمل السياسي و تتفيه النخب
Comments