التنظيم السري .. الاغتيالات والتوظيف السياسي
عبد الواحد اليحياوي *
طرح موضوع “التنظيم السري”، للنقاش داخل مجلس النواب، من خلال توجيه أسئلة لوزيري العدل والداخلية، أكد المخاوف من تحويل الملف من “ملف حقيقة” الى “ملف سياسة”.
ربما كان من الأفضل ان يظل الملف منذ البداية بيد هيئة الدفاع عن الشهيدين الابراهمي وبلعيد دون ان يعني ذلك ضرورة ان مجرد وجود تنظيم سري يجعله مسؤولا عن الاغتيالات السياسية.
ولكن كان على الهيئة استعمال ألفاظ محايدة حتى لا يضيع الملف في مماحكات لفظية، كما أن الالتجاء للقضاء العسكري مس من أخلاقية قضيتي الاغتيال باعتبار انه مطالبة بمحاكمة مدنيين امام القضاء العسكري.
كان ايضا على القضاء فتح بحث مستقل على ضوء المعطيات الجديدة ويكون ذلك تحت رقابة الإعلام والمحامين دون ان يعني ذلك وضع القضاء في مناخ ضاغط . ما حدث في مجلس النواب هو القفز على ملف قضائي بوقائع ووثائق الى خطابات سياسوية.
تشعر حركة النهضة بورطة حقيقية وخطابات القوة والانتصار تخفي ارتباكها لذلك تتجاهل وقائع محددة مثل ان مصطفى خضر كان احد ناشطيها وانه كان على اتصال بقيادات بارزة فيها وان ما حجز اكبر بكثير من مجرد استيلاء شخص على وثائق وان التسجيلات تؤكد وجود وفاق حقيقي لاختراق مؤسسات الدولة والتجسس على خصوم سياسيين.
و عوض ان تجيب حركة النهضة عن ذلك أو حتى تعطي للقضاء صلاحية قول الحقيقة القانونية تستخرج من دفاترها القديمة خطاب المظلومية والتآمر عليها وعلى العدالة الانتقالية والانتخابات البلدية . وتعود الى الى خطابها العقائدي باعتبارها الحق الذي يموت على اعتابه الأعداء والخصوم.
أسوأ ما في جلسة الأمس في البرلمان هو عودة غربان الوطن الذين لا يجدون لهم مكانا في السياسة الا من خلال الموت والدم. وظفوا دماء بلعيد والبراهمي ووصلوا الى السلطة ولما خسروها بعد ان انقلب عليهم أحدهم عادوا الى نفس الاستراتيجية السياسية.
كان مقرفا ان نسمع من بعض نواب النداء خطابات الكراهية المغلفة بالهزيمة… أسوأ ما وقع لنواب الجبهة وكل المعارضة انهم وجدوا انفسهم في نفس الخندق مع بقايا نداء تونس.. في وضع المعارضة الوظيفية التي تبحث عن حقيقة سيذهب كل ريعها الى مافيات السلطة.
ملف التنظيم السري والاغتيالات لا يمكن ان يقع حله الا قضائيا، على القضاء ان يتحلى بالشجاعة ويفحص كل الوثائق بما فيها المحجوزات الاخيرة التي تأكد ان القضاء لم يطلع عليها سابقا وان يستنتج الحقيقة وأن يقبل بها الجميع.
هذا الملف اذا لم يقع حله سيعود بالسلب على مسار الانتقال السياسي كعصاب ذهني قد يصيب المسار في مقتل.
- ناشط سياسيي وحقوقي
Comments