الجزائر: بين شرعية المطالَب ….والخوف من " ربيع عربي" !
نبيل البدوي
تتالت الاحتجاجات في المدن الجزائرية لليوم الثالث على التوالي ضد ما يعرف بالعهدة الخامسة ورفض شعبي لترشح عبدالعزيز بوتفليقة بسبب حالته الصحية المتواصلة منذ ما قبل العهدة الرابعة وهو ما أحرج أحزاب الائتلاف الحاكم ودفع رئيس الحملة الانتخابية لبوتفليقة سلال للاعتراف بشرعية الاحتجاجات وحق الشعب في المطالبة بالتغيير .
انتشار الاحتجاجات في الجهات الجزائرية يبدو في ظاهره نتيجة طبيعية لحالة القلق على مستقبل الجزائر التي عاشت عشرية سوداء نجح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في انهائها واستعادة البلاد لاستقرارها وعودة مئات الشباب الى حضن الوطن بعد أن رفعوا السلاح وصعدوا للجبال من المنتمين لجبهة الإنقاذ الجزائرية التي تم حلها على أثر انتخابات 1991 والتي بدأت معها سنوات الدم والرصاص.
وولدت بعدها مجموعات مسلحة أقامت معسكرات في الجبال ومازال بعضها ناشطا على الشريط الحدودي بين تونس والجزائر رغم القبضة الحديدية للجيش والدرك الوطني .
احتجاجات العهدة الخامسة وعلى الرغم من شرعيتها تثير هاجس الجزائريين فقد تكون الباب الذي يعيد الجزائر الى سنوات العنف خاصة أنها تتزامن مع عودة مئات الدواعش من سوريا بطلب أمريكي بل بإصرار أمريكي على تسليم الإرهابيين لبلدانهم وهو ما رفضته الدول الأوروبية.
ورغم حماس النخبة الجزائرية لمطالب المحتجين برفض العهدة الخامسة إلا أنه لا أحد يضمن آن لا تنزلق كرة الثلج في أي مواجهة بين المحتجين وقوات الجيش أو الدرك أو الشرطة وعندها لا أحد يستطيع التكهن بما يمكن أن تؤول إليه الأحداث.
خاصة في بلاد حباها الله بالثروات الطبيعية و بمساحة جغرافية شاسعة فضلا عن وجود المكون الفسيفسائي للمجتمع (القابئلي والأباضي) وهي عوامل قد يتم استعمالهما في تفكيك الوحدة الجزائرية التي تملك ثقلا إقليميا ودوليا لا ينظر له رعاة ” الربيع ” العربي بعين الرضا !
لكل هذه الأسباب فإن الخوف من هذا الحراك الاحتجاجي يبقى منطقيا فالطريق الى الجحيم محفوف بالنوايا الطيبة في ظل صراع الأجنحة في السلطة الجزائرية الذي كشفته الإقالات المتتالية في أجهزة حساسة أخرها الأمن الوطني والحالة الصحية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة .. فكيف ستتجاوز الجزائر “محنة ” العهدة الخامسة ؟ وهل يتراجع بوتفليقة والمحيطين به عن ترشيحه ؟
Comments