الجديد

الحجر الصحي الشامل: يحد من انتشار الكورونا .. ويهدد الاستقرار الاجتماعي

هشام الحاجي

فرض فيروس الكورونا أحكامه على الإنسانية قاطبة إذ أجبرها على تغيير عاداتها و أعادها -و لو إلى حين -الى بعض ما في العصور البدائية من “خوف” من الفضاء العام و الاحتماء أغلب الوقت بالفضاء الخاص.

لكن الحجر الصحي يساهم بكل تأكيد في الحد من انتشار الوباء و لكنه يخلق أيضا مشاكل أخرى قد تكون لها تداعياتها السلبية.

من هنا فان إمكانية استمرار الحجر الصحي لأشهر قد تنمي مشاعر العدوانية لدى الإنسان و قد تؤدي إذا ما تساوقت مع هشاشة اجتماعية و مهنية إلى “تمرد ” تفرضه وضعية الشعور بأن مجابهة خطر الكورونا قد تكون أقل وطأة من الموت جوعا.

و هو ما يعني إمكانية الانتقال من “فوضى خلاقة ” إلى ” فوضى حقيقية ” قد تذهب بعديد الأنظمة السياسية.

وفي هذا السياق قد لا تكون تونس بعيدة عن هذا الوضع خاصة و أن نسب الفقر والبطالة مرتفعة قبل الكورونا و ستزداد ارتفاعا ، و أن موارد الدولة لا تسمح لها بإجراءات مرافقة و إحاطة واسعة بالفئات والشرائح محدودة أو معدومة الدخل، هذا  فضلا على عطالة المؤسسات المعنية بتنفيذ هذه الإجراءات و تنزيلها في الواقع.

نأمل أن يكون صناع القرار في بلادنا وهم يديرون الأزمة على بينة من أن هناك وضعية أشد خطورة و تتمثل في أن التركيز على مواجهة الكورونا قد أدى إلى ما يشبه “الإهمال ” في التعاطي مع الأزمات الأخرى خاصة الاجتماعية التي يمكن أن تهدد الاستقرار الأمني والمجتمعي، وهو ما بدأت علاماته ومؤشراته تطل برأسها.

كما لاحظنا أيضا وجود اهمال عن متابعة الوضع الصحي في شموليته ونعني هنا بقية الأمراض وذلك في ذلك دخول المنظومة الصحية في “تخميرة الفيروس”، ما جعلها تهمل بقية الأمراض الأخرى، التي يبقي اصحابها في حاجة للعناية الفائقة لأنها أمراض مزمنة وتهدد حياة أصحابه، وربما نسبة الارتفاع في عدد الوفايات فيها تتجاوز الناجمة عن “كورونا فيروس”.

ونلفت الانتباه، الى أن عدد كبير من الأطباء خاصة  من أطباء الممارسة الحرة قد اختاروا غلق عياداتهم و الدخول في عطلة طويلة الأمد، و تركوا مرضاهم يواجهون بمفردهم امراضا قد يؤدي إهمال مراقبتها إلى تعقيدات صحية .

قد يكون هذا السلوك مفهوما لأن “فوبيا الكورونا ” قد أصابت الجميع و لكنه يمس من أخلاقيات المهنة الطبية و يزيد في تعميق الضغط النفسي و الاجتماعي على المواطنين و الدولة و هو ما يفرض من الجميع الاهتمام بالمسألة.

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP