الحجر الصحي الموجه .. الاختبار الكبير لحكومة الفخفاخ
منذر بالضيافي
من المنتظر أن تعلن غدا الاربعاء 29أفريل 2020 الحكومة عن الاستراتيجية الوطنية للحجر الصحي الموجه، الذي سبق وأن أعلن رئيس الحكومة الياس الفخفاخ وقال أنه سينطلق بداية من 4ماي القادم. بما يسمح من الملاءمة بين استئناف النشاط الاقتصادي والتحكم والسيطرة في انتشار الوباء، وهي معادلة تبدو صعبة خاصة في السياق السوسيو ثقافي التونسي، الذي يفتقد ل “الانظباط”، وهو ما كشفت عنه أسابيع الحجر الصحي، التي قد تكون “الحاجة” هي التي دفعت الكثيرين ل “التمرد” عليه.
فهل أن البلاد أصبحت مهيأة وجاهزة للإعلان عن رفع تدريجي للحجر الصحي؟ وما هي الخطوات العملية التي تم انجازها في الواقع قبل 6 أيام من بداية “الحجر الصحي الموجه”؟ والأهم ماهي الحالة الوبائية التي عليها البلاد اليوم وهي المؤشر الأساسي في كل خطة لرفع الحجر؟ وهل من تقييم لما يحصل حولنا من تجارب ؟
أسئلة مهمة وتبحث عن أجوبة مقنعة وعلمية لا مجرد انشائيات لأن الأمر جلل ويتعلق بصحة المواطنين. وهذا ما ننتظره من الاطلالة الاعلامية غدا بقصر الحكومة بالقصبة لعدد من أعضاء الحكومة، قيل أنه سيتم خلالها تقديم “مقاربة المرحلة القادمة في التعاطي مع جائحة الكورونا ومختلف مراحل الحجر الصحي الموجه بالنسبة للفئات و الجهات و القطاعات و التدابير الاجرائية و الوقائية المصاحبة لكل مرحلة بالإضافة الى تفاصيل إنهاء السنة الدراسية و الجامعية و البرتوكول الصحي الذي سيعتمد في كل قطاع و في كل مرحلة”.
في انتظار كلام الوزراء، كنا نأمل أن ينشط لقاء الغد رئيس الحكومة الياس الفخفاخ بنفسه، وذلك بالنظر الى أهمية الموضوع واستثنائيته، والذي يرتقي الى اعلان عن خطة الدولة لمواجهة الحرب، التي يشنها عليها وباء الكورونا (كوفيد- 19) ، وفي كل الحروب ومثلما هو متعارف عليه فانه لابد من “قائد” يكون في صفوف المواجهة الأولى، و يتحمل بشجاعة قيادة الحرب، ويكون له “شرف” ذلك كما يتحمل المسؤولية، فضلا عن كونه سيمثل رسالة طمأنة للتونسيين بأن هناك قائد في السفينة، على غرار ما حصل ويحصل في كل دول العالم، في مواجهتها مع الحرب على وباء الكورونا.
نقل الندوة صحفية مباشرة على القناة الوطنية الاولى و تأمين شارة البث لكل القنوات التلفزية و الاذاعية الوطنية الراغبه في البث لا يمكن أن يكون الا ايجابيا لتمكين تغطية واسعة لكن “الاكتفاء بعدد محدود من ممثلي وسائل الاعلام”، والتعلل ب ” التدابير الصحية و الوقائية” غير مفهو م خصوصا وأنه يمكن توفير “لوجيستيك” ينظم العملية بحضور أكثر ما يمكن من وسائل الاعلام، وهنا نتساءل عن المعايير التي سيتم اعتمادها في الاعلاميين الذين سيسمح لهم بمتابعة الندوة الصحفية الوزارية.
بالعودة للقاء الاعلامي الوزاري المرتقب، نشير الى غياب أي خطة اتصالية للحكومة في علاقة بمجابهة وباء الكورونا، والأقرب أن “حكومتنا العتيدة” اختارت سياسة “الصمت”، وحتى الحوار التلفزي الأخير لرئيس الحكومة فانه لم يكن دون المنتظر والمأمول، واختار تأجيل تقديم أجوبة لمسائل ملحة، خاصة تلك المتصلة بقرار الشروع في تنفيذ رفع تدريجي للحجر.
قبل أقل من أسبوع لا نلاحظ أن البلاد مستعدة للدخول في رفع تدريجي للحجر الصحي، وذلك في غياب معرفة واضحة بحالة الوباء، وكذلك غياب الشروط الضرورية التي يجب أن تصاحب الرفع التدريجي للحجر، مثل توفير الكمامات لكل التونسيين وتعميم الات قياس الحرارة، وتقديم تقييم لاسابيع الحجر الصحي وتأثيرها على الوضع العام في البلاد (الصحي، الاقتصادي والاجتماعي)، وأخيرا لم يتم الشروع في تعميم الاختبارات، التي ما تزال ضعيفة ، بل أن اللافت للانتباه والمحير، أن عددها في تراجع، ونحن نقترب من موعد بداية الرفع “الموجه” للحجر.
تواجه حكومة الياس الفخفاخ، مع بداية تنفيذ “الاستراتيجية الوطنية للحجر الصحي الموجه”، بداية من 4 ماي القادم، اختبارا كبيرا سوف يحدد مصيرها وأيضا مستقبل منظومة الحكم برمتها، وهذا ليس من باب المبالغة، بل لقناعة – يدركها الجميع – بأن تونس – مثل بقية دول العالم – تواجه “حربا استثنائية” سيكون لها ما بعدها، وأن الحكومات هي في خط المواجهة الأول.
Comments