الرئيس في الدوحة .. أي حصيلة ؟
منذر بالضيافي
برغم “البلاغات الفيسبوكية” على صفحة الرئاسة، والبرقية اليتيمة لوكالة الأنباء الرسمية القطرية، والتي تناولت كلها بيانات عامة ، حول الزيارة الأخيرة للرئيس قيس سعيد لدولة قطر، التي انطلقت نهاية الأسبوع الفارط واستمرت ثلاثة أيام، فان غموضا كبيرا ما يزال يحف بهذه الزيارة، ما يجعل تفكيك شفرة ما حصل في الدوحة، لا يخضع لغير سلطة التأويل لما صدر من بيانات، وذلك في غياب اعلام رسمي من قصر قرطاج، و”غموض” في الخيارات والسياسات الخارجية.
على خلاف ما كان متوقعا فان المتابعين للزيارة لم يرصدوا امضاء اتفاقيات مشاريع مشتركة بين البلدين، كما لم يتم الاعلان عن دعم مالي صريح من قبل الدوحة لتونس، في ظرف اقتصادي ومالي يعد الأصعب والأكثر دقة في تاريخ الدولة التونسية، وهو “مجهود” يعد برأي جل المتابعين في الداخل كما في الخارج، من أولويات الدبلوماسية التونسية، التي يعد الرئيس سعيد المسؤول الأول عنها، وفق ما ينص على ذلك النظام السياسي الذي اقره دستور 2014.
سبق الزيارة “تسريبات” عن “سخاء قطري” سيكون في انتظار الرئيس سعيد، جعل البعض – وأنا منهم – نتوقع بداية نقلة في دبلوماسية الرئيس سعيد، عبر التركيز على الدبلوماسية الاقتصادية، التي أساسها النجاعة والبحث عن مصلحة تونس، معاني وتوجهات تعد أكثر من ضرورية في زمن الأزمة كالتي تمر بها بلادنا، ما يجعل مسؤوليها وخاصة رئيس الجمهورية، مطالبون بتكثيف كل تحركاتهم وكذلك علاقاتهم من أجل حشد الدعم .
وذلك عبر جلب الاستثمارت واقناع “الأصدقاء” و “الأشقاء” خاصة بذلك، وليس هذا من باب “التضامن” فالدول ليست جمعيات خيرية، بل على قاعدة الربح المشترك أولا، وايضا “عربون” عن “علاقات مميزة” مع من يريد أن يكون شريكا لبلادنا في انتقالها السياسي.
هذا الانتقال الذي يحتم بالضرورة دعم مالي واستثماري، نظرا لما يرافق مراحل الانتقال السياسي، من انتكاسات وخاصة في المجال الاقتصادي، بسبب غياب الاستقرار السياسي والمجتمعي وما يصاحبهما من ركود اقتصادي، مثلما هو حال الوضع في تونس، التي ما تزال لم تغادر حالة عدم الاستقرار السياسي، بل أن مظاهر عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في ازدياد وتصاعد بعد 10 سنوات من ثورة 14 جانفي 2011.
وفي انتظار مد الرئاسة الرأي العام الوطني – وهذا ن حقه – بحصيلة زيارة الرئيس لدولة قطر، وما هي اساسا “المنافع” التي عاد بها من الدوحة، التي اختار سيادته أن تكون أول زيارة عربية – بعد الجزائر – لها، وهو ما سيقرأ من قبل بقية دول الخليج، على أنه “قرب” من “المحور القطري” المربوط بتركيا وفي تحالف مع جماعة الاخوان المسلمين، سيضع تونس – في منظور دول مثل السعودية والامارات – خارج حساباتها، خصوصا وأن الرد لم يتأخر كثيرا، بعد اعلان دولة الامارات عن تضييق في منح التأشيرات للتونسيين.
ولعل هذا ما يحيلنا على “التخمين”، بفرضية وجود “وساطة قطرية”، لتقريب وجهات النظر ولما لا بناء “توافق” جديد بين أركان الحكم، خصوصا بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، وهو ما أشار اليه أمير قطر في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
فقد أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الاثنين، على وقوف بلاده بجانب الشعب التونسي لتحقيق الاستقرار والتنمية والتوافق.
وكتب “أجرينا مباحثات حول تعميق وتوثيق التعاون الثنائي في شتى المجالات، وتبادلنا الرأي في قضايا حيوية تهم أمن ومصالح شعوبنا ونجدد وقوفنا مع الأشقاء في تونس لتحقيق الاستقرار والتنمية والتوافق.”
ونبقى في انتظار عودة “التوافق”، حينها – ربما – ستفعل الدوحة الاتفاقات والبرامج التي تنوي برمجتها في تونس، التي قد ترى النور في الاجتماع المقبل للجنة العليا المشتركة بين البلدين، في سنة 2021.
Comments