الرئيس قايد السبسي .. و رهانات "قمة تونس" في محيط عربي متلاطم الأمواج
كتب”: منذر بالضيافي
يدرك الرئيس الباجي قايد السبسي، وهو الخبير في العلاقات الدولية والدبلوماسي المخضرم، والذي له معرفة دقيقة وعن قرب بخبايا الخلافات والتناقضات العربية، أن مهمته لن تكون سهلة في “قمة تونس” العربية التي تستضيفها بلادنا نهاية مارس القادم، لكنه مع ذلك حريص على تحقيق “اختراق” في كل القضايا العربية الخلافية.
علم موقع “التونسيون” أن الرئيس الباجي قايد السبسي سيشارك في فعاليات القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية، التي ستحتضنها عاصمة لبنان بيروت، من 18 الى 20 جانفي القادم. وهي قمة هامة، وجرت العادة أن تسبق دائما مؤتمر القمة العربية، ولن تشذ القاعدة عن القمة التي سينعقد بالعاصمة تونس في 31 مارس القادم.
وقد شرع الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس قمة تونس المقبلة في توجيه الدعوات لرؤساء وملوك العرب وكانت البداية الأسبوع الفارط من خلال تسليم وزير الخارجية خميس الجهيناوي دعوات لكل من ملك العربية السعودية ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة.
وبالتوازي توجه وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الى الدوحة اين سلم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، خلال لقاء معه رسالة خطية من الرئيس الباجي قايد السبسي، تتضمن دعوة لحضور الدورة العادية الثلاثين للقمة العربية التي ستنعقد في تونس، في شهر مارس 2019.
وعلم موقع “التونسيون” أن ديوان رئاسة الجمهورية كثف خلال الفترة الأخيرة من نسق الاستعدادات لقمة تونس والتي هي استعدادات تتم تحت متابعة شديدة من الرئيس قايد السبسي، مثلما أكدت ذلك مصادر مطلعة بديوان رئيس الجمهورية.
كما أنه من المنتظر أن يزور تونس بداية من 19 ديسمبر الجاري وفد من الأمانة العامة للجامعة برئاسة الأمين العام المساعد رئيس مكتب الأمين العام السفير حسام زكي وذلك للتنسيق حول الجوانب التنظيمية للقمة.
في ذات السياق تجدر الاشارة الى أن قمة تونس المرتقبة تنطلق على مستوى اجتماعات للخبراء التي علمنا أنها ستنطلق يوم 22 مارس القادم مباشرة بعد احتفالات عيدي الاستقلال والشباب.
يولي الرئيس قايد السبسي أهمية خاصة بل واستثنائية للجوانب البروتوكولية حيث هناك حرص كبير على أن يحضر قمة تونس ملوك ورؤساء وزعماء الدول العربية (الصف الأول) وهو رهان يحرص عليه الرئيس السبسي، الذي “يخطط” لجعل قمة تونس مناسبة للشروع في “ترميم” البيت العربي الذي تشقه خلافات وتناقضات كبيرة.
يدرك الرئيس الباجي قايد السبسي وهو الخبير في العلاقات الدولية والدبلوماسية والذي له معرفة دقيقة وعن قرب بخبايا الخلافات والتناقضات العربية أن مهمته لن تكون سهلة لكنه مع ذلك حريص على تحقيق “اختراق” في كل القضايا العربية الخلافية.
في هذا الاطار لا يستبعد أن يبادر الرئيس السبسي بتجسير الفجوة داخل البيت الخليجي، في محاولة لحلحلة الأزمة الخليجية، بين الدوحة من جهة والرياض وابو ظبي من جهة، وهنا يعول الرئيس السبسي على العلاقات الشخصية التي تربطه بالجميع، ولا يستبعد أن هذا الملف قد تمت اثارته خلال لقاء الرئيس بولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته الأخيرة لتونس وتحديدا خلال اللقاء المنفرد الذي جمع بينهما في قصر قرطاج.
كما سيكون الملف الليبي حاضرا بقوة في قمة تونس، هذا الملف الذي يشغل الجانب التونسي، وكان محور مبادرة تونسية أطلقها الرئيس الباجي قايد السبسي، وتحضيرا للأعمال التمهيدية للمسألة الليبية، شرع المبعوث الدائم للأمم المتحدة غسان سلامة لليبيا في زيارة اليوم الثلاثاء لتونس، ولا يستبعد أن يكون له لقاء مع الرئيس السبسي.
برغم التكتم الشديد فان قمة تونس قد تشهد مبادرة هامة، من الرئيس السبسي تتمثل في عودة سوريا الى “البيت العربي”، وهو –لو تحقق – سيكون انجاز هام لقمة تونس القادمة، و هذا لا يصبح ممكنا – الحضور السوري – الا بعد رفع التجميد عن عضوية سورية، وبالمناسبة نشير الى أن كل الظروف أصبحت مناسبة اليوم لتحقيق رفع التجميد وبالتالي عودة سوريا لجامعة الدول العربية.
فعلى الواقع لا نبالغ بالقول بأن الرئيس الاسد قد كسب المعركة، وأنه مستمر في قيادة بلاده بعد أن كسب الحرب التي أعلنت ضده وضد بلاد الشام، وهنا نلاحظ بداية عودة عربية لسوريا، لعل أكبر عنوان لها، تمثل في الزيارة التي قام بها رئيس السودان عمر البشير مؤخرا لدمشق.
وبنظر المتابعين لتفاعلات الملف السوري فان “الزيارة المفاجئة للبشير الى سوريا والتي لم يتم الاعلان عنها مسبقا واستغرقت عدة ساعات فقط وتمت خلف الابواب المغلقة ، قد تفسر على ان البشير حمل رسالة هامة وخاصة الى الرئيس الاسد . لا يخفى ان من سمات الرئيس السوداني هي ان لديه علاقات متميزة مع مختلف الاطياف السياسية الاقليمية (في غالبيتها معارضة) ومنها السعودية وقطر وتركيا والاخوان وعلى هذا الاساس يمكن التكهن بأن البشير وخلال زيارته هذه كان يحمل رسالة “مودة” من ناحية واحدة او عدد من هذه الاطراف الى الرئيس الاسد”.
للإشارة فان تقارير اعلامية تحدثت خلال الفترة الأخيرة عن سعي لدي دول خليجية رئيسية يخص فتح سفاراتها في سوريا، ولعل التصريحات التي ادلى بها وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو منذ يومين حول القبول المشروط ببقاء الاسد ليست بعيدة عن خفايا وكواليس الزيارة التي قام بها البشير الى دمشق.
Comments