الرئيس يريد .. والشعب يريد .. من ذا الذي لا يريد؟
بسام عوده *
بدأت الإرادة التونسية من إرادة الحياة، وملات الدنيا الشعب يريد … اشتد الأمر وبلغ السيل الزبى فجاءت الكرة في المرمى …سقط القناع ، ولدت الثورة من رحم الشعب .. كان ينظر لجيل الشباب بانه بائس لا رؤيا ولا هدف واتهم بانه بلا هوية .. وجاءنا الطوفان .. الشعب يريد إسقاط النظام، سقط النظام ولم تسقط الدولة، شباب تونس غيروا مفاهيم السياسة وقلبوا الموازيين. كل ما حدث تغيرت أو بدأت تتغير معه خارطة المشهد العربي وفتحت الشهية وأخذتنا الحمية وجرى ما جرى .
التجربة التونسية كان لها عذرها في بعض الإخفاقات من خلال الممارسة ، لكنها مارست الحياه السياسية بكل تقلباتها بهدوء ، ومن حولها حروب وتناحر ودماء تهاوت الدول والأنظمة لكن بقيت تونس صامدة وبقيت تونس في حاله مخاض ، وتجربة الثورة التونسية بقيت لغز محير تغيرت من خلالها مفاهيم السياسة التقليدية .
الانتخابات الرئاسية الأخيرة أفرزت مفهوم جديد خارج عن المألوف ، تجربة رائده وهادئة وجهت أنظار العالم نحو تونس ، بلد حديث في ممارسة الديمقراطية مشهد يستحق النظر اليه بعين الاعتبار وحقق الانبهار ، المناظرة للسباق الرئاسي سلوك حضاري لم يألفه عالمنا العربي أعطى تونس بعدا دوليا.
وبانتظار النتيجة عشنا صمت مخيف يتسأل الجميع أين مآل الوضع .. وكيف .. ولماذا واين .. حتى مفاهيم اللغة تعطلت وخرجت أبجديات جديده اختارها الشعب . الشعب يريد .. ماذا يريد … يريد رئيسا لكل اطياف المجتمع محايد يتحمل المسؤولية بمعانيها الحقيقية .
وانتخب السيد قيس سعّيد
ولد من رحم الثورة اراده الشعب من خلال الاقتراع . الرجل لا ناقة له ولا جمل ولا باع ولا ضراع ، لكنه بارع في صمته انتخب بأرقام خياليه لا تأتي حتى في الأفلام السينمائية . وهذه دلالة على ان الشعب يريد .. والرئيس يريد أيضًا … لكن ماذا يريد … العالم اصبح اصم لا يسمع حسًا ولا صوتا ولا لمسا .. الرئيس يبدو انه يريد النظر للمشهد بهدوء وتأني.
الطريق الى قرطاج ليست معبده كما ينبغي ، لكن شعب حقق إرادة وأحدث زلزال اختار ما يريد . الريس يريد قانون يحمي مكتسبات الدولة والشعب ويكون رئيس للجميع يجمع ولا يفرق . الرئيس يريد بعدا عربيا ودوليا لتونس ، أقوال واحاديث حوله ، ألبسوه عباءة السلفية والأسلمة ، وأثيرت التساؤلات من معه ومن ورائه ، بقي صامتًا يرتقب عن بعد لأنه يدرك صعوبة المرحلة والتجربة الفريدة لتونس، واغلب الظن انه سيحمل رسالة جديده بتوطيد علاقات بالدول العربية والإسلامية وسيحمل هدفا واحدا : ” تونس أولا”.
لكن من لا يريد … نحن نقرأ ما بين السطور وما كتب وقيل من دول الغرب ، هناك نزعة استعمارية يبدو انها في وضع الموت السريري من حاجز الصد المطوق حول تونس الجديدة ، من لا يريد هم أعداء وعي الشعوب وفهمها للواقع المرير الذي نعيش ، نريد شعبًا يحافظ على مكتسبات الوطن وان يحقق للرئيس ما يريد في إطار فهمه للقانون وهو مهندسه …. ان لم نسمح لمن لا يريد .. بالدخول للعقل والكيان التونسي ( ميمونه تعرف ربي و ربي يعرف ميمونه ) لا تسمحوا لاحد التدخل بين العبد وربه ، ما افسد علينا الحياه والفهم، الا الأيادي التي لا تريد.
نريد تونس تتباها ببعدها العربي الإسلامي والأفريقي .. نريد تونس تأكل من غرسها وبحرها وسمائها… نريد فهم العالم الذي يتغير، ونتغير للأفضل.. نريد ان نحافظ على ما حققته تونس ونحول الحلم الى واقع .. نرسم المستقبل بصدق للأجيال المتعطشة للنجاح.
نريد نبذ العنف والتطرف اللفظي والأخلاقي .. نريد ان نتعظ من غيرنا . نريد الوصول الى مرحله الانبهار ، ونحقق الانفجار ، انفجار الثقافة والصناعة نريد انفجار الطاقات ونحميها من الهجرة ، نريد بعدًا دوليًا ا للتنمية وتطوير الاقتصاد، نريد ان نحافظ على الدينار قبل الدار .
سننتظر.. الشعب يريد.
والرئيس يريد.
ومن لا يريد ….؟
*كاتب أردني مقيم بتونس
Comments