الزبيدي في لقاءات مكوكية: يلتقي بالرئيس السبسي، رئيس البرلمان وسفير الولايات المتحدة الأمريكية !
منذر بالضيافي
تكثفت تحركات، وزير الدفاع الوطني، عبد الكريم الزبيدي، بداية هذا الأسبوع (أمس الاثنين واليوم الثلاثاء)، وسط حراك سياسي وجدل قانوني تعيشه بلادنا، اذ التقى أمس الاثنين 22 جويلية بقصر قرطاج، برئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، في أول نشاط له بعد 17 يوما من الغياب، غياب خلف جدلا وتساؤلات، خاصة بعد رفض الرئيس السبسي ختم القانون الانتخابي المثير للجدل، وفي نفس اليوم التقي الزبيدي برئيس البرلمان محمد الناصر، تلت ذلك جلسة مع لجنة الدفاع والأمن في البرلمان، التي تزامنت مع هبوط اضطراري لطائرة عسكرية ليبية في الجنوب التونسي، خلفت بدورها “حيرة” حول جاهزية المؤسسة العسكرية، في علاقة بتطورات الموقف الغير مستقر على حدونا الجنوبية مع ليبيا، التي تفترض اليقظة والاستعداد الكبيرين، واستمر نشاط الوزير اليوم الثلاثاء 23 جويلية 2019 ليكون له لقاء مع أحد أهم سفراء الخارج في تونس، ونعني مع السفير الأمريكي ببلادنا، دولاند بلوم. وكان الوزير الزبيدي، قد أدى زيارة للعاصمة واشنطن نهاية أفريل وبداية ماي الفارط، بدعوة من الكلية الحربية الأمريكية، أين القى محاضرة هامة هناك.
بلاغ وزارة الدفاع ورد بمفردات عادية ومتداولة في مثل هكذا لقاءات، حيث اشار الى أن اللقاء تم في “اطار متابعة الانشطة التي تمت برمجتها في اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة التونسية الامريكية المنعقدة بولاية وايمونغ في افريل الماضي”.
دعم أمريكي للمؤسسة العسكرية
وعبر الطرفان وفق ذات البلاغ عن ارتياحهما لنجاح اشغال اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة التونسية الامريكية وكذلك اشغال الحوار الاستراتيجي التونسي الامريكي المنعقد بواشنطن خلال شهر جويلية الجاريس حول المسائل الامنية والعسكرية والاقتصادية.
وقد عبر سفير الولايات المتحدة الامريكية، وفق بلاغ الدفاع التونسية، عن مواصلة بلاده الوقوف الى جانب تونس في مكافحتها للارهاب ودعم المؤسسسة العسكرية في عدة مجالات تتعلق بامن الحدود والتكوين والتدريب والمساعدة الفنية وتوفير التجهيزات والمعدات المتلائمة مع التهديدات غير التقليدية مشددا على مزيد التعاون في مجال تكوين الافراد في مجال نزع ومجابهة الالغام.
من جهته اشاد وزير الدفاع بالمناسبة بمستوى التعاون المتميز بين البلدين حيث شهد هذا التعاون في السنوات الاخيرة تطورا نوعيا وكميا في مجالات التكوين والتدريب ودعم التجهيزات المتلائمة مع التهديدات غير التقليدية والمساهمة في دعم منظومة المراقبة الالكترونية على الحدود البرية والبحرية مع امكانية مساهمة الجانب الامريكي في تمويل انجاز المرحلة الثالثة من المشروع للتغطية الكاملة الجنوبية الشرقية.
كما ثمن دعم الولايات المتحدة الامريكية بخصوص اقتناء معدات جديدة لتعزيز القدرات العملياتية للمؤسسة العسكرية خاصة في ما يتعلق بمقاومة الارهاب والجريمة المنظمة والتصدي للهجرة غير الشرعية.
وكان الزبيدي بين في محاضرة بعنوان “القوّات المسلحة التونسية .. التحديات والآفاق”، ألقاها يوم الجمعة 3 ماي 2019، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، بدعوة من الكلية الحربية الأمريكية، أن معالجة موضوع الإرهابيين العائدين هي محلّ دراسة من قبل مركز البحوث العسكرية والهياكل ذات الصلة، وذلك بالإعتماد على احترام القانون وحقوق الإنسان، مع الإستئناس بتجارب بعض البلدان في المجال.
ويتمثّل التحدي الثاني الذي تواجهه تونس، وفق الوزير، في “تهريب الأسلحة العابرة للحدود وهو ما يهدّد أمنها واستقرارها ويغذّي مناطق الصّراع في الجوار الإقليمي، بالإضافة إلى التهريب والتجارة الموازية اللّذين يمثلان رهانا أمنيا واقتصاديا، لارتباطهما عضوياّ بالإرهاب”، حسب ما جاء في بلاغ لوزارة الدفاع.
تطور جهوزية المؤسسة العسكرية
وبخصوص آفاق المؤسسة العسكرية التونسية، أفاد الزبيدي بأنّه تم في ضوء مجمل هذه التحديات، “وضع برنامج لتطوير القدرات العملياتيّة بمساعدة الجانب الأمريكي، يقوم على دعم العمليات المشتركة بين الجيوش الثلاثة وتطوير القدرات الإستعلاماتية وتأمين الحدود البرية والبحرية والمجال الجوّي وتأهيل القوات التقليدية، فضلا عن وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب بمشاركة الهياكل المتدخلة تقوم على أربعة محاور وهي الوقاية والحماية والتتبّع والردّ”.
وقدم الوزير في مستهل مداخلته لمحة تاريخية حول نشأة الجيش الوطني التونسي ومهامه الأساسية والظرفية والتكميلية، ومساهمته في تأمين الإنتقال الديمقراطي منذ سنة 2011 وفي حفظ النظام العام ومكافحة الإرهاب والتصدي للتهريب والجريمة المنظمة.
وذكّر بأن تونس واجهت في تلك الفترة تحديين إثنين لهما صبغة إنسانية أولهما إستقبال حوالي مليون و700 ألف لاجئ من 100 جنسية، 80% منهم من الأشقّاء الليبيّين وتركيز مخيّمين إثنين برأس جدير والذهيبة لإيوائهم وتأمين الإحاطة والرعاية الصحية والنفسية والإجتماعية لهم، وثانيهما إقدام آلاف من الشبان التونسيّين والأفارقة على الهجرة غير الشرعية، ممّا استوجب تسخير وسائل الجيش الوطني للحدّ من هذه الظاهرة.
تحديات أمنية متواصلة
كما استعرض أهم التحديات الأمنية التي تواجهها تونس وكان لها تأثير كبير على أمن البلاد واستقرارها إبّان ثورة 14 جانفي 2011 وفي مقدّمتها “الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة، بحكم تدهور الوضع الأمني بليبيا الشقيقة، وتداعيات ما يحدث في القوس الساحلي، وهو ما نتج عنها أعمال إرهابية بلغت ذروتها في سنوات 2013 و2014 و2015 إذ استهدفت قطاع السياحة والأمنيين والعسكريين في تعدٍ وتطاول على رموز الدولة”.
وبيّن وزير الدفاع في المقابل، أن معركة بن قردان (مارس 2016)، كانت حاسمة حيث مثّلت انتصارا استراتيجيا جنّب البلاد والمنطقة بأسرها خطرا داهما كان من الممكن أن تكون له تداعيات سلبية على أمنها واستقرارها.
وفي رده على جملة من التساؤلات من قبل الدارسين في الكلية الحربية الأمريكية بواشنطن، التي تمحورت حول الوضع الأمني بالمنطقة ومآله، أكد عبد الكريم الزبيدي أن “مستقبل المنطقة، بما فيها الساحل الإفريقي، رهين توافق القوى السياسية الفاعلة في هذه البلدان، كما هو مرتبط في الآن ذاته بالدور الإيجابي الذي يجب أن تلعبه القوى الإقليمية والدولية في الصراعات التي تشهدها دول المنطقة”.
وتأتي هذه المحاضرة التي حضرها ضباط سامون أمريكيون بصدد متابعة دروس في مجال الدراسات الإستراتيجية والإستشرافية، في إطار انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة العسكرية التونسية الأمريكية في دورتها الثالثة والثلاثين بواشنطن.
Comments