السياسة والوباء .. المثال الايراني
تونس- التونسيون
في مقابلة مع موقع مركز “كارنجي”، للبحوث حول الشرق الأوسط، يشرح أمير أفخمي، وهو أستاذ مساعد في علم النفس والصحة العامة والتاريخ في جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة ، الدلالات التي قد يحملها تفشّي فيروس كورونا الجديد على دولة ايران. للإشارة، فان أفخمي، يركّز عمله على التقاطع بين التاريخ والدبلوماسية والسياسات الصحية الوطنية والدولية.
اجابة عن سؤال: لماذا أثّرت جائحة فيروس كورونا المستجد في إيران بهذا الشكل الكبير؟ يعتبر أمير أفخم، أن ما حصل في ايران “يتحمّل مزيجٌ من الدوافع الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية مسؤولية التفشّي السريع لفيروس كورونا بشكل واسع النطاق في إيران. كان وصول الفيروس إلى إيران متوقعاً نظراً إلى أن الصين هي شريكها التجاري الأساسي. لكن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة الإيرانية من أجل الحد من أعداد المسافرين من الصين ورصدهم كانت غير ملائمة، ما أدّى إلى توطّن هذا المرض في إيران على نحو أسرع بكثير من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط”.
مخاطر غياب الشفافية
ويتابع قائلا: “إن افتقار طهران إلى الشفافية وعدم استعدادها لاتخاذ إجراءات صارمة، مثل فرض التباعد الاجتماعي والحجر الصحي، خصوصاً في بؤرة تفشّي الوباء في قم، أدّيا إلى انتشاره. كما أن اقتصاد إيران المتدهور ساهم على الأرجح في سوء إدارة الأزمة، إذ لم تكن التحضيرات كافية لمواجهة احتمال تفشّي الوباء، ويتجلّى ذلك بأبهى صوره في نقص الكمامات والأقنعة الواقية للوجه المنتجة محلياً، ومعدات الحماية الشخصية الواقية في البلاد في الشهر الماضي. يُعزى ذلك إلى عدم رغبة طهران في الحد من الصادرات الإيرانية إلى الصين، ومعارضة السلطات، على نحو مُستغرَب لحظر الرحلات الجوية وفرض الحجر الصحي، خوفاً من إلحاق ضرر متزايد بالاقتصاد”.
كما لا يخفي أن “غالب الظن أن السياسة لعبت أيضاً دوراً في إضعاف استجابة القيادة الإيرانية في مجال الصحة العامة. فهي سعت إلى ضمان نسبة إقبال كبيرة على صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية، التي وصفها المرشد الأعلى علي خامنئي بأنها واجب ديني. وقد فاقم تنامي الأزمة امتناعُ الطبقة الدينية في البلاد عن تقييد الحج الديني والتجمعات في المقامات الشيعية الأساسية. رغبة الحكومة الإيرانية بالظهور على أنها تتمتع بالكفاءة وقادرة على ضبط الوضع، خصوصاً في ظل مساعيها الرامية إلى إنقاذ سمعتها التي تلقّت ضربة موجعة بعد إسقاط الطائرة المدنية في كانون الثاني/يناير، دفعتها على الأرجح إلى اتخاذ إجراءات مشدّدة أكثر، فيما تزايدت باطّراد حالات المصابين بفيروس كورونا وكذلك أعداد الوفيات الناجمة عنه. هذا كلّه صب الزيت على النار”.
تداعيات سياسية واجتماعية متوقعة
وحول ما يذهب اليه البعض من أن الفيروس قد يترك تأثيراً عميقاً في إيران، وأنه قد يلقي بظلاله على المجال السياسي أيضاً؟. يجيب أفخمي قائلا: “هذا الاحتمال واقعي للغاية من منظور تاريخي. ففي العام 1904، عجزت الحكومة القاجارية الإيرانية المطلقة عن التصدّي لوباء الكوليرا، ما أسفر عن تداعيات اجتماعية واقتصادية، وأدّى ذلك مباشرةً إلى اندلاع الثورة الدستورية في العام 1906، التي أرست نظام الحكم البرلماني. آنذاك، تمحورت مشاعر السخط الشعبي حول أن دول الغرب تحسن إدارة الكوليرا، والأوبئة عموماً، أكثر بكثير من إيران. لذا، أرى أن التأثير السياسي على المدى الطويل لتفشّي فيروس كورونا المستجد سيعتمد جزئياً على كيفية نظر الإيرانيين إلى أداء الدول المجاورة والغرب في مجابهة هذا الوباء. وقد باتت نتائج كورونا على المدى القصير تظهر للعيان الآن، من خلال تراجع ثقة الشعب في حكومته ومفاقمة الأزمة الاقتصادية في البلاد.”.
الرابط الأصلي للحوار:
Comments