الجديد

العجمي الوريمي يكتب: “حكومة المراسيم هل يفوتها القطار؟”

العجمي الوريمي *

تواجه حكومة الفخفاخ اختبارين قاسيين،  أحدهما كان معلوما والثاني لم يكن في الحسبان، اختبار الخروج من الأزمة الاقتصادية وهي موروثة،  واختبار الخروج من الأزمة الصحية الناشئة، عن انتشار أزمة كورونا المستجدة.

ومن ألطاف الله أن كانت لنا حكومة حائزة على ثقة البرلمان قبل حلول الوباء وان الفيروس قد أمهلنا حتى انتخبنا رئيسا وبرلمانا ولم يعاجلنا ونحن نودع الباجي قائد السبسي، أو نخوض الحملة الانتخابية..

وكما هو معلوم فإن حكومة الفخفاخ، حكومة ائتلافية وانه ينتسب قبل ترشيحه ومنحه الثقة الى اقلية الأقلية، فلم يكن يمثل املا انتخابيا للموجة الجديدة، ولا زعيما منتظرا لقيادة مرحلة ما بعد منظومة الشيخين..

جاءت الكورونا ولم تكن تخطر له على بال، والبلاد تعيش أزمة اقتصادية ومالية وفي مأزق العجز البيرقراطي الهيكلي، عن تحسين الاداء وعن انجاز إصلاحات تحتاج مخطط ميني مارشال، وتحتاج موافقة الاتحادين المتضادين وتعاهدهما على الإنقاذ.

وهذا لن يكون، فما بالك بأزمة كهذه تطول وتتمطط ووباء ينتشر ويتمدد ..ولا احد يجرؤ على مصارحة الشعب بالخطر الحقيقي المحدق ..أي أثر انتشار فيروس الكورونا على الحياة أولا، وأثر انتشاره على الاقتصاد العالمي والوطني، وان ما بعد الكورونا ليس بالضرورة أيام سمان فليس هناك مقدمات لتكون أيام رخاء ونماء..

الحكومة فيها فريقان دون احتساب النهضة فريق يريد ان يفتك مرابيح المؤسسات الرابحة دون أن يقدم شيئا للمؤسسات المعرضة للإفلاس والتخلي عن عمالها، فريق يريد ان يحول الفقراء الى بؤساء متسولين، وهو ما سيضطر الميسورين قليلا والميسورين جدا إلى التعويل على انفسهم للحفاظ على مدخراتهم وتأمينها ضد ما يمكن ان يتخذ من إجراءات باسم الدولة التي “ما يكبر في عينها حد”.

أما الفقراء والبؤساء فسيفكرون في التعويل على انفسهم لأنهم سيصبحون عبئا على الجميع ويخشون أن تكون يد المنظمة الشغيلة مرتخية في صد الأذى والظلم عنهم .

سيدفع الاغنياء لمن يدافع عن مصالحهم ولن يلبثوا ان يختاروا حزبهم أو يجروا الحكومة الى مربعهم وسيصطف الفقراء خلف من يرفع صوته ضد من يفقرهم ويجوعهم.. واذا لم يكن هناك مشروع وطني يقلص الفجوة ويمنع التصارع فالبلاد ستكون مفتوحة على المجهول.. ولكي ينجح الفخفاخ عليه ان لا يطلب مزيدا من الصلاحيات وان لا يكون “مزروبا” على تجميعها و”مزروبا” على إظهار شهية الحكم والتحكم واستخدام مخالب حلفائه المتنمرين لوضع الموالين له في المواقع المشتهات محل المخالفين أو من وضعتهم أقدارهم في مواقع تزينت في أعين المقربين ويرون أنهم اولى بالمعروف..

على الفخفاخ ان لا يكون مزروبا (مع الاعتذار للصديق محسن مرزوق الحكيم)وأن يكون متواضعا امام حقائق الواقع وان يركز جهود حكومته على الخروج من الأزمة وان يجعل الصحة والاقتصاد والامن أولوية الاولويات وان يبحث عن أوسع اجماع ممكن وان يدرك ان المشروع الوطني والبرنامج الوطني يتطلب التعجيل بتفعيل العقد الاجتماعي الذي تصوغه وتدعمه كتلة تاريخية لا تتكالب على السلطة ولا تنهشها ولا تستقوي على الدولة ولا تستخدمها ..

الاوضاع الاستثنائية تتطلب التعبئة الشاملة والعزم والتوكل وتفجير طاقات الابداع الوقادة الكامنة في روح هذا الشعب المؤمن المريد وتراثه العظيم .. إن وثبة تاريخية تنقلنا الى التعافي واستئناف مشروعنا الوطني المنشود ممكنة ولكن قطار الإقلاع لن ينتظر كثيرا وأخشى ان يقلع دوننا.

 

*قيادي في حركة النهضة

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

There are 2 comments for this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP