العجمي الوريمي يكتب ل "التونسيون": مانديلا يقتل في تونس
كتب: العجمي الوريمي
مثل مقتل الشاب فيليكو كوليبالي رئيس جمعية الجالية الإيفوارية في تونس بأحد أحياء منطقة سكرة من ولاية أريانة على يد طائشين أو منحرفين صدمة قوية لمتساكني المنطقة وبصفة خاصة لأبناء الجالية الإيفوارية والإفريقية ببلادنا …
لم يسبق الجريمة النكراء أي مقدمات تجعل منها جريمة عنصرية مقصود بها الأفارقة لذاتهم إذ تشير الدلائل أن الفعل الذي اقترفه الجناة غايته الاستحواذ على هاتف جوال أو على مال بحوزة الضحية وليس له اعتبارات إيديولوجية أو موقف شوفيني أو عرقي من العنصر الإفريقي الذي بات تواجده ملحوظا في أحياء عديدة من ولاية أريانة مثل حي النزهة وحي برج الوزير وحي المنصورة وحي النسيم وحي الباهي الأدغم أو سوق الجمعة ويتميز الشبان الأفارقة من الجنسين بوداعة ومسالمة وحضور هادئ يخلو من مظاهر التحدي والتعدي والاستفزاز.
وهذا الجمهور الإفريقي الذي أختار مواطن استقراره وتجمعه ببعض أحياء تونس الكبرى وبصفة خاصة ولاية أريانة هو جمهور مكون من الطلبة الذين يزاولون تعليمهم بالجامعات العمومية أو الخاصة ينحدرون من أوساط ميسورة ومتوسطة ويرتادون الأسواق والفضاءات العامة والتجارب ويتزودون لحاجاتهم بيسر وسلاسة ولا يمثل اللون عائقا لهم في الاندماج والاستقرار والعيش المشترك مع التونسيين ولا يبدو على سلوكهم ومعاملاتهم مظاهر الاستضعاف والبؤس بل يبدو من ملامحهم وتصرفاتهم ما يدل أن البيئة التونسية توفر لهم الأمان والطمأنينة.
ولاشك في أن السلطات العمومية تتوخى سياسة استقبال واحتضان وإدماج قائمة على الإقتناع أن هؤلاء الشبان الأفارقة طلاب اليوم وقادة المستقبل في بلادهم سيشكلون أهم سفراء لبلادنا في أوطانهم وجسرا بين ثقافتنا وثقافتهم وسيقودون سياسة التقارب والانفتاح والمبادلات مع تونس والتنسيق في المواقف في الهيئات والمنظمات الدولية فوجود هذه الجالية الأفريقية يتم برضى من بلدانها وبتشجيع من الدولة التونسية.
إن الشاب الإفواري المغدور هو رئيس جالية بلاده في تونس ومن الأرجح أن يكون من في مثل موقعه من قومه غدا رئيسا لحزب أو الحكومة وحتى رئيسا لدولة بلاده
لذلك تعد وفاته فضلا عن كونها جريمة منكرة خسارة لبلده التي أرسلته لتونس التي كانت تحمل اسم القارة تونس المطلة على أروبا باعتبارها الأقرب إليها جغرافيا والأقدر على محاورتها والاقتباس منها حضاريا لذلك تكون الإقامة في تونس الخضراء امتيازا واختصار لطريق العبور إلى العصر وإلى جغرافية القارة العجوز وحضارتها وعلومها وتقنياتها
كما أن مقتل الشاب الإيفواري خسارة لتونس ونقطة سوداء في صفحتها الناصعة مع القارة الإفريقية التي كنا حيالها حملة علم ومعرفة وصناع سلام تتميز خبراتنا وقوات جيشنا في كل المهمات الوطنية والاممية التي أوكلت إليها مثالا للاقتدار والاستقامة والنجاح في إنجاز المهام
هل أن مجتمعنا خال من النزعات العنصرية وهل يتميز شبابنا بالوعي برسالة بلادنا التي يؤهلها لها موقعها الجيوسياسي؟ وهل تتسم معاملتنا لضيوفنا دائما بالاحترام والاكرام أم يحصل أن يبدر من بعض مواطنينا تصرفات تشي بالضيق بالمخالف والتوجس من الغريب والمختلف ثقافة وديانة ولونا
مما لا شك فيه أن الظهور الاستعراضي والتنامي العددي يصحبه التوجس وسوء الفهم ولاشك في أن التوجس يسبق الألفة والتطبيع ؟
كان الأمل أن يظهر مانديلا في تونس وأن تكون بلادنا محضنة لقيادات إفريقية مستقبلية وأن يكونوا سببا في تمتين الروابط وربط مصير أقطار القارة الشابة بعضها ببعض
لكن جريمة قتل الرئيس الإفواري الشاب في بلادنا وما خلفه من لوعة وصدمة قد قصف زهرة شباب منديلا المستقبل فيالها من خسارة ويالهولها من مصيبة خيبت أملنا وأساءت إلينا لطابعها العبثي السخيف ودواعيها الدنيئة…
رحم الله الصيف الفقيد وأحر التعازي لأصدقائه وذويه وكل الإدانة لهذا الفعل المشين والمسيء الذي لا ينبغي أن يتكرر على أرض اللقاء أرض إفريقية الخضراء.
Comments