“العربي الجديد” القطرية: زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى القاهرة: هل يبحث عن أوراق ضغط لأزمته الداخلية؟
اتفق الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي قيس سعيد على تكثيف التعاون الأمني وتبادل المعلومات، في إطار ما تمت تسميته بين الطرفين “بالتحديات المشتركة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف”.
وقالت جريدة “العربي الجديد” القطرية في تقرير خاص لها، نقلا عن ما وصفته بمثارد خاصة بها إن زيارة سعيد، التي كان متفقاً عليها منذ فترة ولم تكن مفاجئة، تأتي في إطار السياسة المصرية الخاصة بضرورة الحفاظ على القناة الدبلوماسية مع الرئاسة التونسية، التي كانت تتمتع بعلاقات جيدة منذ الرئيس التونسي السابق الباجي قايد السبسي، مشيرةً إلى أن هناك تلاقياً بين الجانبين في إشارة إلى سعيد والنظام المصري.
وأكدت “العربي الجديد” نقلا عن المصادر ، التي قالت انه فضلت عدم نشر هويتها، أن سعيد جاء إلى القاهرة بحثاً عن أوراق ضغط في مواجهة “المعارضة الداخلية”، المتمثلة في حركة “النهضة” التي باتت تشكل عبئاً كبيرا عليه، وتقف عقبة أمام سياساته، بحد تعبير المصادر.
واستقبل السيسي اليوم في قصر الاتحادية قيس سعيد، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير بسام راضي بأنه تم عقد جلسة مباحثات منفردة، أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين.
وثمن السيسي المستويات المتميزة التي وصلت إليها العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين، مشيراً إلى حرص مصر على بذل المزيد من الجهد للدفع قدماً بأطر التعاون الثنائي على شتى الأصعدة، لا سيما في ما يتعلق بتعزيز قنوات التواصل الفعال بين الجانبين على المستوى الاقتصادي وتعظيم حجم التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات البينية، فضلاً عن زيادة التشاور بين البلدين بشأن مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، خاصةً في ظل العضوية الحالية لتونس بمجلس الأمن.
من جهته، أكد الرئيس التونسي حرصه على تفعيل أطر التعاون وآليات التشاور والتنسيق مع مصر على كافة المستويات، سواء في ما يتعلق بالموضوعات الثنائية أو بالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد التباحث حول سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، واستشراف سبل وآفاق جديدة للتعاون، لا سيما في مجالات الاقتصاد والتجارة وتبادل الاستثمار، بالإضافة إلى الصعيد الأمني وتبادل المعلومات، لا سيما في ظل وجود العديد من التحديات المشتركة التي يواجهها الطرفان، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث تم التوافق حول ضرورة تدعيم التعاون الأمني وتبادل المعلومات في هذا الإطار.
كما شهد اللقاء، بحسب راضي، التباحث حول تطورات القضية الليبية، وتوافق الرئيسان على ضرورة تكثيف التنسيق المشترك في هذا الصدد، بالنظر إلى أن مصر وتونس تمثلان دولتي جوار مباشر تتقاسمان حدوداً ممتدة مع ليبيا، ما يؤدي إلى انعكاسات مباشرة لاستمرار الأزمة الليبية على الأمن القومي لكل منهما، مع الترحيب في هذا الصدد بتشكيل السلطة التنفيذية الليبية الجديدة، وتأكيد حرص البلدين على الاستمرار في دعم الشعب الليبي لاستكمال آليات إدارة بلاده، وتثبيت دعائم السلم والاستقرار، لصون المقدرات والمؤسسات الوطنية الليبية وتفعيل إرادة شعبها، والعمل على وقف مختلف أشكال التدخل الخارجي في ليبيا، بما يساهم في وضع ليبيا على المسار الصحيح وتهيئة الدولة للانطلاق نحو آفاق البناء والتنمية والاستقرار.
وقال الرئيس التونسي خلال مؤتمر صحافي مشترك أعقب الجلسة المغلقة: “تحدثنا عن كثير من المحطات وعن كثير من المخاطر التي يجب التصدي لها، لأن هذه المخاطر كما يعلم الجميع تستهدف الدول والمجتمعات، ولا بد من أن يكون الوعي واضحا بأن هذه المخاطر كبيرة والجهود التي يجب بذلها من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة ومرافقها الأممية وتماسك المجتمعات كبيرة”.
وشدد رئيس تونس على أنه يجب أن يكون هناك وعي بحجم المخاطر قائلا “أعتقد أن هذا الوعي تشاركنا فيه العديد من القوى الوطنية التي تستوعب فكرة الدولة والحفاظ على المجتمعات”، متابعا عن حديثه مع السيسي “تحدثنا عن جملة من المبادئ والتصورات وعن ضرورة استنباط طرق جديدة للتعاضد والتكاتف، وطرق نرتقي بواسطتها إلى ما نصبو إليه من أحلام.. كانت أحلامنا كبيرة في وقت من الأوقات، وكانت العقبات شديدة، ولكن ما دام الشعب بخير فالأمة كلها ستكون بخير، وما دامت شعوبنا في المنطقة بخير ودولنا بخير فسيكون مستقبلنا خيرا”.
وتطرق الرئيس التونسي إلى أن “الأمن القومي المصري هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي التونسي والأمن العربي، مشددًا على أن الموقف المصري في كافة المحافل الدولية هو يعد موقفًا عربيًا”. وأضاف أن تونس لن تقبل بأن يتم المساس بالأمن المائي لمصر، وأن مصر تبحث عن حلول عادلة، ولكن ذلك لن يكون على حساب الأمن المصري والعربي المائي.
بدوره، أكد السيسي، خلال المؤتمر الصحافي، ضرورة إخراج المرتزقة من ليبيا، وتفعيل الدور العربي في ما يتعلق بالأمور الليبية. وأضاف السيسي أنه جرى الاتفاق على تعاون مصري تونسي لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف.
وأشار السيسي إلى مناقشته التعاون المشترك في مواجهة الإرهاب مع نظيره التونسي، خلال الاجتماع الذي جمعهما منذ قليل بقصر الاتحادية، إلى جانب مناقشة مواجهة التدخلات في شؤون دول المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التونسي حظي باستقبال استثنائي، إذ حرص السيسي على تمييز زيارة سعيّد، بعدما خصه ببروتوكول استقبال استثنائي، إذ ذهب إلى المطار واستقبله عند مدرج الطائرة، وهو الأمر الذي لم يفعله من قبل مع الرئيس التونسي السابق الباجي قايد السبسي، أو حتى مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عند زيارته مصر.
كما تم نشر لافتات ضخمة بالشوارع والطرق الرئيسية التي يمر منها موكب الرئيس التونسي محملة بعبارات الترحيب، بما يحمل رسائل عدة، في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرئيس التونسي وحركة “النهضة” التونسية توتراً ملحوظاً.
Comments