الجديد

“العلا” السعودية .. عاصمة التراث العالمي تحتضن القمة الخليجية 41

بسام عوده

تحتضن محافظة “العلا” شمال غرب السعودية، الثلاثاء المقبل القمة الخليجية الحادية والأربعين، في “لحظة خليجية فارقة”، سمتها تواصل الخلاف بين عدد من عواصم الخليج والدوحة عاصمة قطر، خلاف يدخل مرت عليه ثلاثة سنوات ونصف السنة، أربك ولا يزال البيت الخليجي، ويتوقع ان تكون قمة “العلا” ايذانا باذابة الثليج في صحراء الخليج، وبالتالي عودة الدفء المعتاد في مناخ صحراوي دافئ بطبعه، وهذا متوقع بالنظر لوجود ارادة سعودية قوية، من الملك سلمان بنفسه، على تجاوز الأزمة.

“العلا”، ارض التاريخ والحضارات والنخيل الباسقات . هنا يبدأ الكشف عن الذاكرة وتعانق اجمل لوحات الصخور … فيها السرد وحكايات ، تبوح بفيض من اسرار الحياة الموثقة في الكتاب والزمان والمكان يأخذنا الشوق لتصفح مخطوطاتها الشاهدة على قدمها ، فيها بوح وأسرار لقصص وسيرة الانبياء ، وبشرى خير للأوفياء.

اختيار محافظة العلا في المملكة العربية السعودية لاحتضان القمة الخليجية له دلالات كثيرة ابرزها نقاء المكان والطبيعة الساحرة وينابيع المياه العذبة وهذا اجراء تلقائي من نوع اخر لحماية الوفود من وباء كورونا العلا … مكان، يثير فينا الغوص في اعماق الحضارة الضاربة في عمق التاريخ . و المسجلة في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو .

هنا (مدائن صالح)  حيث سكن قوم ثمود، ثم “الأنباط” من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الثاني الميلادي وزارها الرحالة ابن بطوطه ( 726) للهجرة وسميت بمرآة الحضارات القديمة ، ”العلا” هي إحدى محافظات منطقة المدينة المنورة رسمت لها القيادة خطتھا الرامية إلى تطويرها بطريقة مسؤولة لتحويلھا إلى وجھة عالمية للسياحة وللتراث، مع الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي في المنطقة التي تبعد عن المدينة المنورة 300 كم، (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)

تولي أهمية تطوير العلا على نحو يتناسب مع قيمتها التاريخية، وما تشتمل عليه من مواقع أثرية، بما يحقق المصلحة الاقتصادية والثقافية المتوخاة، والأهداف التي قامت عليها رؤية المملكة 2030.

وتعرف بإرث حضارة الأنباط الذين بنوا مدائن صالح ، وشهدت أرضها قصة نبي الله صالح عليه السلام مع قوم ثمود، و فيها مسجد بناه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالحجر . و للمكان مغزى اخر ، وهى إشارة من القيادة السعودية من اجل التقارب في وجهات النظر تحت خيمة واحدة ، في محيط عائلي اخوي محاط بألوان البساط التقليدي المتشابه في دول الخليج وهذا دليل على الوحدة والتاريخ المشترك، ورسالة الى العالم من اجل تحقيق الحلم والرغبة الأكيدة لنبذ الفرقة والخلافات مهما اتسعت.

(العلا) تمتزج فيها رائحة القهوة العربية وكرم الضيافة لتتجاوز كل ما مضى ، من اجل بناء صرح متماسك يخدم طموحات وامال الشعوب في ظل التحديات الراهنة التي فرضت جراء الانعكاسات التى اصابت المجتمعات بسبب الوباء .

المملكة العربية السعودية التي يطلق عليها في الخليج الشقيقة الكبرى ، قادرة على معالجة الخلاف السياسي ومعالجة الاقتصاد المتراجع على مستوى العالمي ، بلا شك اللقاء سيكون استثناء في الزمان والمكان ، لان الظروف تغيرت وزادت التحديات ونرى في الأفق أمل في تحقيق الطموحات السياسية والتكامل الاقتصادي ومواجهة الاخطار التي تحيط بالمنطقة.

لا سيما في ظل تواصل العبث الإيراني في التدخل في عمق خاصرة العرب على وجه الخصوص في العراق. واليمن الممزق ولبنان المنهار اقتصاديا.

من هنا فان القمة الخليجية المرتقبة لها بعد تاريخي وحضاري سيؤثر على القرارات والرؤيا الجديدة ، ولعل “العلا” ستكون لها شان اخر في بناء جسور التعاون بين الاشقاء ، وسخرت لها كل الامكانات الثقافية والفنية والتراثية لاستقبال القادة في اجمل لوحات للفرق الفنية التي ستكون بمثابة سفيرا للسياحة والثقافة المتعددة في طرح جديد للمورث السعودي .

وستكون الاهازيج والأغاني السعودية والخليية حاضرة وأيضا إيقاع السواعد الذي يعكس كرم الضيافة وهيبة الاستقبال.

قطعا سبقى ايّام العلا في البال من اجل تحقيق المصالحة والوئام ، وسيكون – قطعا –  هذا اللقاء بداية لقصة نجاح الرؤية ٢٠٣٠للمملكة.

اذ أن “العلا” كانت سابقا منطقة بلا مقومات تذكر ، وهي الْيَوْمَ تستعد بكل ثقة لاستضافة أكبر وأهم لقاء قادة دول الخليج. مما يعكس الخطى الحثيثة لهذا الحلم والرؤية، التي أصبحت جزءا من الواقع .

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP