الجديد

العودة الاعلامية .. دار لقمان على حالها  !

منذر بالضيافي

حدث “العودة الاعلامية”، على غرار “العودة السياسية”، تحول في السنوات الأخيرة الى “تقليد” يحظى باهتمام كبير من قبل الرأي العام، خاصة في ظل تنامي دور الاعلام التقليدي، خلال السنوات الأخيرة، وهو دور بدأ في الضمور والتراجع، اذ أن قطاعا واسعا من الجمهور وكذلك من النخب، يحملون الاعلام التقليدي ( التلفزي والاذاعي)، جانب كبير من المسؤولية عن فشل، مسار الانتقال الديمقراطي.

اقترنت العودة الاعلامية، مع نشاط مكثف في ما أصبح يعرف  “بميركاتو التنقلات” ، ونعني بها حركة تنقل المنشطين والاعلاميين بين المؤسسات الاعلامية المحلية، و خاصة المؤسسات الاعلامية الخاصة منها، والتي تقودها في المقام الأول أهداف ربحية، وهو شأن كل مؤسسة تبحث – طبيعيا – عن الربح في المقام الاول، والذي أصبحت تقدر أن هذا الربح متاتي في المقام الأول من “غنيمة” الاشهار على قلته، والذي لا يمكن تأمينه الا عبر من تحولوا الى “نجوم شبابيك اعلامية”.

وأقصد هنا “نجوم اعلام البوز”، وهنا يستوي وهو مطلق الغرابة المنشطين بما يعرب “الكرونيكورات” (المعلقين على الأحداث من اسعار السوق الى بورصة السياسة)، المهم من لهم القدرة على انتاج وتسويق “محتوى اعلام البوز”، الفاقد للمعنى وللفكرة والصانع والمروج للتفاهة، ، الذي زاد في حضور ” المتطفلين” على ” الحقل الاعلامي”، مقابل تهميش الصحفيين و ” صناع المعنى”.

وحديثي هنا يتجه لما يعرف ب ” الاعلام الجماهيري”” media de mass  (الاذاعات وخاصة القنوات التلفزية)، اقول انها عودة “بروح قديمة”، نفس الوجوه ونفس المحتوى، هذا ما يجعل سقف الانتظارات ضيق جدا، وبالتالي فان دار لقمان ستبقى على حالها وربما أسوأ ، مع هجوم ” المتطفلين” وتواصل اقصاء الكفاءات لأنها تزعج.

واشدد بالمناسبة، على ان اعلامنا يعيش ازمة هيكلية، وهذا ما يفسر ضعف محتواه وافتقاده للابتكار والتجديد، باستثناء محاولات اغلبها فردي ولا يترك لها المجال للبروز. ولعل وضع الاعلام المريض، يجد تجلياته ، من خلال حالة الحياة السياسية والحزبية في بلادنا، فقد اكتفى هذا الاعلام في غالبيته بنقل العبث السياسي والحزبي والبرلماني والمؤسساتي، ما يفسر عجزه عن تأطير وتوجيه النقاش العام.

وقد ترافق هذا العجز عن فتح نقاش جدي حول قضايا البلاد الأساسية، مع الحرص عن البحث عن ” البوز” ، من اجل معركة الصراع المحموم حول “الاوديمات”  ( نسبة المشاهدة )، وهو صراع شبيه بالصراع المحموم حول السلطة، والذي انتهى بتدمير البلاد وادخالها في اتون ازمة بلا قرار.

صراع اعلامنا حول “الأوديمات”، جعله دون مضامين جادة ويفتقد لمادة اعلامية، تجمع بين الحق في المعلومة، واثارة النقاش حول القضايا الحقيقية، من خلال حضور خبراء حقيقيين لا الاكتفاء بالمزيفين الذين يتحدثون في كل شيء ولا يفقهون شيئا في الواقع، الا القليلون منهم وهم يعدون على اصابع اليد الواحدة.

عودة اعلامية جديدة، بلا جديد، غير اعادة انتاج “محتوى” ضعيف، وبوجوه مستهلكة وبلا جمهور، فاقد الشيء لا يعطيه.

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP