الغنوسي في باريس بدعوة رسمية من السلطات الفرنسية
منذر بالضيافي
أكد موقع جريدة “النهضة” الناطق باسم حركة النهضة أن رئيس الحركة راشد الغنوشي “يؤدي بداية من اليوم الثلاثاء 14 ماي 2019، زيارة إلى فرنسا بدعوة من السلطات الفرنسية”.
ونقل موقع “الفجر” نقلا عن مصادر أن راشد الغنوشي سيعقد سلسلة من القاءات مع مسؤولين سامين في الدولة الفرنسية.
كما ان هذه الزيارة لرئيس حركة النهضة ستدوم حوالي أسبوع، حيث سيرافقه فيها وفد كبير من الحركة وسيتم عقد لقاءات مع اعضاء الجالية التونسية بفرنسا وإلقاء محاضرات في بعض مراكز البحوث والدراسات.
تأتي زيارة الغنوشي لباريس في توقيت مهم في علاقة بالاستحقاقات الانتخابية المقررة لنهاية السنة الجارية، وبتواصل الصراع داخل طرابلس بين قوات حفتر وحكومة الوفاق التي يدعمها الاخوان في ليبيا وحلفائهم في المنطقة، وهو موضوع يشغل كثيرا الحكومة الفرنسية ولايستبعد أن يكون محل نقاشات للغنوشي مع السياسيين الفرنسيين الرسميين الذين سيلتقيهم في باريس. وهي زيارة هامة بالنسبة لحركة النهضة، ترتقي لاختراق “دبلوماسي” هام، خاصة وأنها تستبق تهديد أمريكب بتصنيف الاخوان كجماعة ارهابية، لو حصل سيكون له تداعياته السلبية على “النهضة” التونسية.
يذكر أن راشد الغنوشي، كان قد أدى في جوان 2016 زيارة “رسمية” لباريس، وردا على الجدل الذي اثرته تلك الزيارة، قال رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، في تصريح اعلامي حينها، “إن الزيارة تندرج في إطار “الدبلوماسية الشعبية” وهي ليست باسم الحكومة التونسية”.
وقد أجرى الغنوشي في زيارة 2016 لقاءات هامة مع صناع القرار الباريسي على غرار وزير الخارجية الفرنسي، “جون مارك إيرو”، وعددا من مسؤولي الخارجية المشرفين على العلاقة مع العالم العربي، وهو ما هو متوقع من زيارته الحالية، التي انطلقت اليوم، وتتواصل أسبوع كامل، سوف يلتقي خلالها بقيادات في مركز صنع القرار في فرنسا، وفق ما أكدت مصادر مطلعة لموقع “التونسيون”.
تأتي زيارة الغنوشي الباريسية، عشية الاعداد للاستحقاقات الانتخابية القادمة، الرئاسية والتشريعية، المبرمجة للثلاثي الأخير من السنة الجارية، الذي تشير كل التحاليل والتقديرات الى أنه سيكون مهما، في علاقة بمعرفة حقيقة الخارطة الحزبية، أي اختبار لوجودها الواقعي على الأرض.
في هذا الاطار لابد من التأكيد على أن المشهد السياسي التونسي دخل في الزمن الانتخابي، بل أن الحياة السياسية والاعلامية وكذلك الحراك المجتمعي، أصبح يعيش على وقع حملة انتخابية سابقة لأوانها، رأي فيها الرئيس السبسي أنها ترتقي الى “الحمى الانتخابية”، في دلالة واضحة على أهمية الرهان.
وقد زادت نتائج عمليات سبر الآراء في تصاعد “أجواء الحملة” الانتخابية السابقة لأوانها، احصائيات كان لها ولا يزال وقع “الزلزال” على المشهد السياسي التونسي، خصوصا بعد أن كشفت عن تراجع كبير ولافت لمنظومة الحكم الحالية، التي تقود البلاد منذ 2014، بسبب ضعف حصيلتها الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن تردي الخدمات الأساسية، وتعد حركة النهضة أحد أهم أعمدتها، فهي التي حمت “الاستقرار الحكومي” طيلة السنة الأخيرة.
يتوقع أيضا أن يكون الملف الليبي، الذي يشغل كثيرا باريس، على طاولة لقاءات الغنوشي مع السياسيين والنخب في باريس، خصوصا وأن الرجل وحركته تربطهم علاقة وطيدة بحكومة الوفاق في طرابلس، التي تحظى بدعم “الاخوان” وحلفائهم في المنطقة.
يذكر أن حركة “النهضة”، كانت قد أصدرت موقفا رافضا بشدة للهجوم على طرابلس، داعمة المقاومة فيها ضد العدوان، مؤيدة حكومة الوفاق الوطني في مواجهتها للغزاة، داعية الليبيين إلى التوصل لحل يوحد صفوفهم ويحل مشاكل البلاد بالحوار بدلا من اللجوء للسلاح.
كما تستمد زيارة الغنوشي لباريس أهمية خاصة، في ظل تلويح أمريكي بتصنيف حركة الاخوان المسلمين، الرافد الأساسي لحركات الاسلام السياسي ومنها “النهضة” التونسية، كتنظيم ارهابي، وهو ما سيكون – في حالة حصوله – له تداعيات كبيرة على الشأن التونسي، برغم استماتة الغنوشي واخوانه، في التأكيد بل في التبرؤ من كل ارتباط تنظيمي مع الاخوان.
وفي انتظار نتائج الزيارة الباريسية، فإنها تعد بمثابة “اختراق” هام يحسب ل “الدبلوماسية الشعبية” لراشد الغنوشي، سيكون ريعها بالأساس لفائدة حزبه وتنظيمه، اذ سيقدم نفسه كطرف سياسي رئيسي في مشهد سياسي وحزبي مفكك (نعني هنا الأحزاب الديمقراطية).
كما سيوسق الغنوشي من باريس لصورة الحزب المدني الديمقراطي المحافظ، على غرار الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، وذلك في خطوة استباقية قبل تنفيذ أمريكا تهديداتها بتصنيف الاخوان كجماعة ارهابية، التي تقول تقارير أمريكية أنه لن يشمل حركة “النهضة” في حالة اقراره من قبل ادارة دولاند ترامب.
Comments