الفخفاخ والشاهد .. تواصل أم قطيعة؟
خديجة زروق
يبقى مشهد التقاء رئيس حكومة مغادر برئيس حكومة نال ثقة مجلس نواب الشعب و يستعد لمباشرة مهامه في حفل تسليم المهام حدثا هاما. ذلك أن فيه تجاوزا لعملية بروتوكولية لا تخلو من عملية إخراج سياسي إلى مؤشر على أن تحولات معينة تجري في بلادنا لا تخلو في الجملة من إيجابية، لعل ابرزها استمرار مسار الانتقال الديمقراطي، الذي انطلق منذ أكثر من تسعة سنوات، بعد ثورة 14 جانفي 2011.
من هذا المنطلق فإن الكلمتين اللتان القاهما اليوم كل من يوسف الشاهد رئيس الحكومة المغادر و إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة الجديد لا تخلوان إلى جانب تكريس التداول على المسؤوليات في مناخ بعيد عن التوتر من رسائل سياسية فيها بعض الالتقاء و أيضا بعض الاختلاف.
حرصا كل من الفخفاخ و الشاهد على إبراز الانتماء لجيل يعتز بإرث الدولة الوطنية و لكنه يفتخر أكثر بالنضال من أجل تكريس الديمقراطية التي يعتبر التداول على المسؤوليات احد أهم مظاهرها و التي اتت متأخرة بالنسبة للشعب التونسي.
أبرزا الشاهد و الفخفاخ أنهما من نفس الجيل و أن سياق الانتقال الديمقراطي جعلهما يتعلمان البحث في مجالات الاختلاف عن نقاط التقاء و أنه من الضروري العمل على تكريس هذه الثقافة.
و في مجال الالتقاء في الرؤية كانت هناك إشارات إلى مقاومة الإرهاب و الفساد و تطوير الوضع الاقتصادي، اما مجالات الاختلاف بين الكلمتين فترتبط بالوضعية الحالية لكل منهما.
فقد حرص يوسف الشاهد بوصفه مغادرا للمسؤولية على إبراز ما تحقق في عهدته و خاصة ما تعرض له من صعوبات “مفتعلة “، اما إلياس الفخفاخ فقد اتجه نحو المستقبل مع استحضار للماضي، إذ أشار في إحالة إلى اعتصام الرحيل الذي أنهى تجربة حكم الترويكا التي كان عضوا فيها إلى أنه لن يكون هناك “باردو 1” او “باردو 2” و أن حكومته جاءت لتبقى و أن الأولوية هي للملف الإجتماعي تجسيدا لهوية حكومته ذات البعد الديمقراطي- الإجتماعي.
و هو هنا لا يلمح بل يشير إلى أن خياره ومنهجه سيكون مختلفا عن حكومة يوسف الشاهد التي كانت أكثر ليبرالية.
الشاهد: جيل حكم جديد
أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد أنه سيبقى على ذمة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وعبّر عن سعادته بتسليم السلطة لرئيس حكومة ”يؤمن بمدنية الدولة ومن جيله وسيواصل العمل على بناء جيل سياسي جديد يده نظيفة ويؤمن بالديمقراطية”.
في حين عبّر الشاهد على تضامنه مع الفخفاخ ”لما سيواجهه من انتقادات” قائلا ”قلبي معك” حسب تعبيره.
وأضاف قائلا: “اذا حاربت الفساد ستتهم بالانتقائية وتصفية الحسابات، واذا لم تفعل ستتهم بالتواطؤ…اذا تفاهمت مع رئيس الدولة باش تولي وزير اول واذا طبقت الدستور باش تولي متمرد..واذا دشنت مشروع او زرت جهة باش يقولو تخدم في صورتك…واذا اتجهت نحو الاصلاح كل واحد باش يقلك ابدا صلح عند الاخر…”.
وأكد الشاهد في ختام كلمته ضرورة الاستقرار السياسي في تونس وتواصل الحكومة لتتمكن من تحقيق برنامجها.
الفخفاخ: تثبيت الاستقرار السياسي
وقد اكد رئيس الحكومة الياس الفخفاخ صباح اليوم الجمعة 28 فيفري 2020 ، في رده على تشديد سلفه يوسف الشاهد على أهمية الاستقرار الحكومي والسياسي ، ان سنة واحدة غير كافية للانجاز متابعا بالقول ” انحب انقلك اتهنى جيت باش نقعد ولن يكون هناك لا باردو 1 ولا 2 “.
وابرز الفخفاخ في كلمته في موكب تسلم وتسليم السلطة المنعقد بدار الضيافة بقرطاج ،وجود تواصل سياسي بين جيل سابق وجيل جديد قال انه سيبنى تونس ” التي نحلم بها” معتبرا ان الطبقات السياسية بدأت في العرف على بعضها البعض رغم الاختلافات الايديولوجية وان النقاش اصبح يتمحور اليوم حول كيفية اصلاح البلاد وعن الملفين الاقتصادي والاجتماعي.
وقال ان “التونسيين تطورا واصبحوا يؤمنون بالديمقراطية” مضيفا” كننا نجهل وضع بلادنا والفقر في الجهات ..ولهذا سنبني تونس الجديدة وسنكون في كلنا من اجل دولة قوية وعادلة اجتماعيا … هذا ما نؤمن به كلنا مؤسسات الدولة سلطة ومعارضة “.
Comments