الفخفاخ .. وزير أول، لكن ؟
علاء حافظي
تشاء مفارقات الانتقال السياسي التونسي، أن تعيد مرشحا لم ينل إلا بضعة آلاف من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، إلى صدارة المشهد السياسي اشهرا معدودة بعد فشله الانتخابي.
هذا هو ما حصل مع إلياس الفخفاخ، الذي وجد نفسه محور العملية السياسية، من خلال تكليفه بتشكيل حكومة، تشير كل المؤشرات أنها ستنال ثقة مجلس نواب الشعب، و لكن قدرتها على الاستمرار تبقى رهينة عدة معطيات، من أهمها الكيفية التي سيتصرف بها إلياس الفخفاخ.
يمكن القول أن إلياس الفخفاخ قد ولد تحت “النجمة الطيبة ” كما تقول العبارة الفرنسية إذ لم يساهم في التصدي للنظام القديم، و لكن التحاقه بعد 14 جانفي 2011 بالتكتل الديمقراطي، جعله يكون متابعا عن قرب لأشغال المجلس الوطني التأسيسي، ثم بحكومة الترويكا وهو ما أتاح له ربط علاقات هامة في الداخل والخارج.
و بعد ما يشبه “السبات الشتوي “، الذي فرضته هزيمة التكتل في انتخابات 2014 ، عاد إلياس الفخفاخ إلى المشهد السياسي، من بوابة الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، التي لفت فيها برنامجه بعض الانتباه، لما تضمنه من بعض الأفكار و لما ابرزه من رغبة في التباين مع حركة النهضة، رغم أن بعض كتلتها البرلمانية منحوه تزكية، ما كان بمقدوره لولاها أن يترشح.
وجد إلياس الفخفاخ نفسه في مخاض تشكيل الحكومة في قلب الصراع المكتوم الدائر بين قيس سعيد و راشد الغنوشي و يوسف الشاهد، و لا شك أنه لم يكن محايدا و لكنه لم ينحز لهذا الطرف او ذاك دون حسابات ذاتية.
ذلك أنه من الصعب الاقتناع أن إلياس الفخفاخ سيكون رئيس حكومة “تكنوقراط ” يكتفي بأداء مهامه دون التفكير في مسيرته السياسية، خاصة و أن عامل السن يلعب لفائدته و يدعوه لان لا يعمل بالوكالة لحساب الغير.
هذا العامل إلى جانب الضبابية المؤسساتية، التي فرضها الدستور قد يجعل تحالفات إلياس الفخفاخ الحالية تتغير خاصة و أن ما اظهره في مفاوضات تشكيل الحكومة من قوة شخصية قد يجعله في مواجهات مبكرة مع أهم الفاعلين السياسيين،
و قد يتخلى عن جبة “الوزير الأول ” التي جعلته على امتداد التكليف مرتبطا برئيس الجمهورية ليرتدي جبة رئيس الحكومة الذي يفرض رأيه.
قد يستفيد إلياس الفخفاخ من بعض مكونات الشخصية القاعدية لمدينة صفاقس التي ينحدر منها ، ليكون دقيقا في حساباته في أمرين على الأقل، و هما عدم تغليب التفكير في المستقبل البعيد سياسيا على حساب المهام العاجلة، و التي من اوكدها بناء لحمة فريق حكومي شتته مسار مفاوضات التشكيل و تجاذباته، و تحقيق نتائج ملموسة في المجال السياسي خاصة، في إعادة الثقة للجميع.
اما النقطة الثانية و الأهم فهي إقتصادية لأن إلياس الفخفاخ مدعو للعمل من أجل أن يشعر أغلب التونسيين أن واقعهم أخذ في التغير نحو الأفضل.
Comments