الجديد

الكورونا: ام المعارك .. وبداية الانقاذ الوطني

منذر بالضيافي

الفشل السياسي، المصحوب بغياب التجربة والكفاء، ومثلما كان متوقعا، فالمقدمات لها نتائج ، نجم عنه عجز عن ادارة الدولة، التي تم اضعافها بنية مبيتة لتفكيكها، وكانت الحصيلة أزمة شاملة، تداخل فيها الأن الوباء بالفساد ( الذي تحول الى ظاهرة معيقة للتنمية)، أزمة مركبة برزت تجلياتها بوضوح من خلال:

1/  العجز الكبير في ادارة “الحرب” على الوباء، والنتيجة كما ترون كارثية وهي مرشحة للأسوأ ( الالاف من الموتى ومن الاصابات، تدهور المنظومة الصحية، تأخر في جلب التلاقيح ….)

2/  انهيار اقتصادي غير مسبوق، كشفته كل المؤشرات الاقتصادية وكذلك تقارير دولية محكمة أخرها تصنيف فيتش وقبلها موديز، وعدم تجاوب المؤسسات المالية واهمها صندوق النقد الدولي…

3/ انتشار كبير ومخيف للفساد، الذي يكاد يتحول الى اقتصاد موازي

4/  فشل دبلوماسي، جعل بلادنا تعيش في حالة هي اشبه بالعزلة عن العالم.

5/ بروز مؤشرات لتخوفات جدية من سيناريو الانزلاق نحو انهيار شامل على غرار ما حصل ويحصل في لبنان، قد يحول – او حصل – ” الخضراء” الى ” دولة فاشلة”..

بعيدا عن “العنتريات” فان منظومة الحكم الحالية، التي جاءت بها ثورة 14 جانفي 2001 ( التي تم تحويل وجهتها )، وخاصة التي أتت بها الانتخابات الأخيرة، أصبحت في وضع عجز عن ادارة البلاد.

وهو ما يفسر اتساع أزمة الثقة بين الجمهور وحكامه، الأمر الذي رفع من منسوب التشاؤوم والاكتئاب، واصبحنا نسمع ونشاهد مواقف تلقائية تعبر عن رفضها وادانتها للطبقة السياسية وخاصة التي في الحكم.

ان ازمة الكوفيد، التي تعد تكلفتها باهضه جدا: الآلاف من الوفايات والإصابات، والانهيار الاقتصادي، نجم عنها تفقير لفئات واسعة من المجتمع وانهيار مدوي للطبقة الوسطى ( اساس الاستقرار المجتمعي)، والطريقة السلبية لتعاطي السلطات معها.

هذه الازمة ستخلف ندوب عميقة في نفسية التونسيين، و سيكون لها تأثير عميق على الحراك السياسي والمجتمعي القادم والذي هو طور التشكل، ولا يتفطن له من هم ” منتشون بسلطة ضعيفة” وبلا حاضنة مجتمعي، سيجعل البلاد مقدمة على تحولات كبيرة وعميقة.

المطلوب الأن، ادارة وطنية ومجتمعية لأزمة الكورونا، باعتبارها ” ام المعارك”، من خلال تحرك المجتمع الأهلي والمدني ( هنا لا اقصد النسيج الجمعياتي المشبوه) للعب دور أساسي ومركزي في “حر اك الانقاذ الوطني”.

بعد ايقاف “تسونامي الوباء”، نمر للإنقاذ السياسي، عبر انتخابات مبكرة، يقدم خلالها المرشحون برامج واضحة ومعلومة، وتناقش من قبل “النخب” التي عليها مغادرة دائرة التقوقع والاستقالة.

نقاش يحتضنه الاعلام البديل ( مواقع التواصل الاجتماعي)، بعد ان فشل الاعلام التقليدي في مرافقة الانتقال السياسي ( او ما عرف بالانتقال الديمقراطي ) خلال ” عشرية الثورة”، الا بعض الاستثناءات القليلة، لأن هذا الاعلام (التقليدي) خاضع اما لهيمنة رأس المال (القطاع الخاص) الذي يقدم مصلحته أولا، أو بالقطاع العمومي، الذي هو غالبا ما يتم اخضاعه لمن هو في الكم، مثاما حصل في بلادنا قبل وبعد الثورة.

كما تحتضن هذا النقاش الساحات العامة التي وحدها، و وحدها فقط،  التي تعبر عن حيوية المجتمع، الذي سيفرز قيادات ونخب المرحلة المقبلة، وهو ما يعتمل الأن في رحمه.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP