الكورونا : تونس في مواجهة منعطفات حرجة
غازي بن مصطفى
تمرّ تونس بأحلك فتراتها، ولا غرابة أن ينشغل العالم بوهنها وفواجعها وصخبها، وهي تواجه وباء كورونا. الأرقام مفزعة ومحزنة، والبلاد في أسوإ منعطفاتها، تصارع وتجْتر مرارة الحياة، دون أن تُدرك سبيل النجاة إلى حد الآن. ولا عجب أن نجد المؤزارة الفعلية من بعض الدول الشقيقة والصديقة في هذه المحنة القاسية. هو اختبار الضمائر والعلاقات.. والدول كما الأفراد تُختبر زمن أوجاع وأحزان البشر وحينما تضيق عليهم مسالك الحياة وتُفجعهم.
لقد سارع بعض القادة والدول لتقديم العون والمساعدة التي ستساهم في تخفيف معاناة التونسيين في مواجهة وباء كورونا اللعين، وهم مشكورون على عطائهم.. نُقدر لهم التفاتتهم واستجابتهم السريعة.. ولكن من المؤسف أن البعض ما يزال ينظر إلى علاقات تونس الخارجية من زاوية” المشاهد الثابتة”ومن زاوية التموقع الايديولوجي والمغالاة السياسية التي لا تحسن التعاطي حتى مع فواجع الموت والمآسي التي تباغت الشعوب والدول مهما كانت قدراتها وامكانياتها.
لم يجد البعض أي حرج وهم يتحدثون عن تسول البلاد في علاقة بهذه الهبات الإنسانية التي تأتي في أشدّ المراحل وأحلكها،في ظروف قاسية تئنّ فيها البلاد “والموت يجُشّ بأهلي” على حدّ قول شاعرة عراقية.
ندرك أن هؤلاء يميلون إلى المبالغة وتعوزهم الواقعية وأن الوقت ليس للمهاترات والمزايدات على حساب الأرواح والنفوس التائهة.
إن من قدّم العون الإنساني في هذه الظروف العصيبة، نحتفظ لهم بالتعاون الدائم زمن السلم وزمن المنعطفات التاريخية القاسية، وخاصة بعض البلدان العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي لم تفاجئنا مساعداتها السريعة لتخفيف حجم هذه المعاناة..
تتصدر المملكة قائمة الدول والمنظمات في حجم التعاقد الفني والتعاون الثنائي مع تونس، وهي تتفوق على كل الدول في هذا المجال، كما تكشف الأرقام الصادرة عن الوكالة التونسية للتعاون الفني، لذلك نرى في هذه المساعدة الانسانية دلالة عميقة لعلاقات متجذرة وأخوة صادقة، ننظر إليها وإلى غيرها من هذه المساعدات بعين الامتنان.
وإذ نشكر المملكة وبقية الدول الخليجية الأخرى والجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب ومصر وكل الدول الأجنبية التي سارعت بتقديم جرعة الدواء للعيون المعذبة التي غشاها الألم، ونتمنى لقادتهم ولشعوبهم كل الخير، نقول أن تونس لن تغرق كما استنتج الاعلام الفرنسي وأن مثل هذه التجارب والمواقف الأخوية ستمنحها شيئا من عافيتها.
ولعه من المهم التأكيد في هذا السياق على ضرورة الالتفات إلى حسن توظيف مقدرات البلاد وإصلاح نظامها الصحي المنهك حتى تتماسك البلاد وتخرج من هذه التجربة القاسية بأكثر قوة.
Comments