الكورونا والفقر .. عدو يزاحم عدوا
العجمي الوريمي
الكورونا عدوتنا جميعا، ولكنها لم تنجح في اقناعنا بأنها عدونا الأكبر، أو الأوحد لذلك لاتزال الجموع تتحدى وتغامر وتتجمهر، لا يجمعها الطمع كما يتهمها به البعض، ولكن يحشد حشودها الفقر عدو شعبنا الأصلي.
وعوض أن يشهر شعبنا وعيه ضد الكورونا الغبية، أشهر فزعه وهو شعبي شجاع ضد الفقر المتوحش.. تتلاصق الاجساد المفقرة امام رموز الدولة، التي تعدهم بتوزيع نصيب من مواردها الشحيحة، على الفقراء الرسميين.
منذ زمن الاستبداد كان لنا وطنيون رسميون وفقراء رسميون وشرفاء رسميون وناخبون رسميون ونواب رسميون ..ما هو رسمي في ذاكرة شعبنا الموشومة بكذب الحكام هم مزيفون وليس هم الحقيقيين.
اليوم تبدو الاجراءات المتخذة من وزارة الصحة الداعية الى التوقي وملازمة البيوت ومحاربة الكورونا الغبية بالذكاء المحاذر، وإجراءات الحكومة التي تشبه الوعود الإنتخابية أو تشبه ما نسميه “أغنية لكل مستمع”، رغم نبل هذه الاعلانات بدت لشعبنا الطيب مسكنات.
وهبات أصحاب المؤسسات اولا اعطيت للمعوزين الرسميين وأن الدولة “العادلة والقوية” لم تتخلص من عاداتها القديمة في التسويف والتدجيل والايهام بأن “لا ظلم ولا جوع ” بعد اليوم وأن “الاوضاع تحت السيطرة” وهو ما نتمناه وما ينشده شعبنا الطيب.
ولكن لأن الأمان من الخوف والجوع غير مضمونين، ورغم الخطر الداهم والتجوال النشيط للفيروس اللعين بين بني البشر مخترقا للحدود والطبقات والاجناس والاعمار، ورغم أنه لا يميز بين فقير أو غني فانه فضح أنانيتنا وفشل سياساتنا وسياسيينا.
فقد سمح للحكومات أن تقدم فصلا من فصول مسرحية الإستهانة بالعدو الأصلي المتمثل في الفقر لذلك أخذ الفقراء زمام المبادرة لإسقاط القناع عن الممثلين ولفضح المسرحية ومخرجيها …
في كل حرب هناك أبطال شجعان يتقدمون لمجابهة العدو وهزمه.. وفي كل حرب هناك ضحايا أبرياء تسوقهم أقدارهم الى حتفهم ، وفي كل حرب شرفاء يبذلون اموالهم وانفسهم لكسب معاركها المقدسة.
وفي كل حرب أبطال رسميون وخطاب رسمي ودعاية رسمية
وفي كل حرب منسيون أو خارجون من الحساب.
وفي كل حرب مغفلون ومستغفلون مغيبون لايراد لهم حتى عند انتهاء الحرب ان يعلموا انها قد انتهت..
إن حربا واحدة يمكن تحيي أمة أو تهلكها فما بالك بحرب تعقب حربا وعدو يزاحم عدوا.. ما بالك بعدو خفي عارض يحالفه عدو مخفي مستدام.؟
سنولد ولادة جديدة لا يعلم أحد كم ستكون كلفة مخاضها، وكم من الدموع سنذرف على من ستكتب له موتة شريفة، وكم من التضحيات سيقدم شعبنا الطيب من أجل حياة كريمة؟.
Comments