المؤتمر التأسيسي لحزب المبادرة .. و رهان شرعية التكلم باسم الحركة الدستورية
مازري طبقة
يعقد نهاية الاسبوع الجاري حزب المبادرة مؤتمره التأسيسي بعد ثماني سنوات من العمل السياسي والانخراط الكامل في التوجه الذي اقره الشعب التونسي بعد 14 جانفي20111 و مشاركة فعالة في مختلف المحطات الانتخابية التي ميزت الفترة الانتقالية التي مرّت بها تونس رغم سيل التهم الذي لاحقت العائلة الدستورية و رغم تركيز هيئة بن سدرين على استهدافها من خلال اعمال الهيئة الفاقدة لأي شرعية بعد الانسحابات التي حدثت صلبها, هيئة الحقيقة و الكرامة التي كان لكمال مرجان من الشجاعة السياسية و الادبية الكفاية التي جعلته يحضر اولى جلسات الاستماع العلنية التي نظمتها.
لم ينفرد حزب المبادرة منذ 2011 فقط بتمثيله للعائلة الدستورية البورقيبية بل تميز على بقية الاحزاب على اختلاف توجهاتها بان قام بقراءة نقدية لتاريخ العائلة السياسية التي انتمى و ينتمي لها و نقد ذاتي داخل اسوار الحزب و هو الامر الذي لم يحدث في اي من الاحزاب اليمنينية منها و اليسارية, اضافة الى اعتماده على سياسة اتصالية مثلها رئيس الحزب اعتمدت على الاعتراف بأخطاء اهمها غياب الديمقراطية والحريات مع التأكيد على جملة النجاحات التي عرفتها البلاد طيلة حكم بني الدستور سواء على المستوى المحلي او المستوى الاقليمي و الدولي و كان شعار هذا الحزب و قيادته هو ” التعامل فقط مع من يحترمنا و يحترم تاريخ العائلة الدستورية البورقيبية” كما جاء على لسان كمال مرجان عدّة مرّات, سياسة اتصالية و علائقية متميزة اعتمدت سياسة المراحل مكنت بالأساس من اسقاط قانون العزل السياسي سيئ الذكر و مهدت الى تأسيس مبدأ التعامل على اساس الاحترام مع مختلف العائلات السياسية القائمة و الفعالة و الملتزمة بدنية الدولة.
كمال مرجان رئيس حزب المبادرة و الممثل الشرعي الوحيد لسياساته و توجهاته يعتبر من اكثر الشخصيات الوطنية التي تحضى باحترام الكل دون استثناء ( الا من اسثنى نفسه ) ليس فقط لما يتميز به من سيرة ذاتية و خبرة دولية في عدة مجالات السياسي منها و الحقوقي و حتى الثوري بل لما عرف عن الرجل من نكران الذات مقابل مصلحة الوطن و هو الذي كان بإمكانه القبول بأي من العروض الاممية التي انهالت عليه منذ 2011 لتولي خطط أممية و دولية سواء لفك النزاعات او للتحكيم الدولي, رفض لم يكن منطلقه حسابات شخصية بل فقط من اجل ما اعتقد انه مصلحة للوطن بالبقاء على الساحة السياسية و استعمال ما يحضى به من رصيد ثقة لتقريب وجهات النظر و تعديل الوضع السياسي.
بالعودة الى حزب المبادرة و الذي يسجل يوم 23 فيفري 2019 موعد مع التاريخ كما فعل سنة 2011 صلب المجلس الوطني التأسيسي, يعتبر من الاحزاب التي تعمل في صمت دون اللجوء الى الخطابات المتشنجة و كيل التهم الى كل الأطراف السياسية او حتى للمنتمين الى نفس عائلته السياسية لاهداف سياسويّة و انتخابية, بل أن حزب المبادرة لم ينخرط و لو لمرة في الرد على ما بلغ قياداته من تهم غريبة في بعضها مضحكة في اغلبها ممن اعتقدوا انهم ينتمون الى العائلة البورقيبة و الدستورية.
في ظل ساحة سياسية لم تهتدي بعد الى ممثل صريح و شرعي للطيف الدستوري البورقيبي الحداثي, يمكننا ان نعتبر المؤتمر التأسيسي لحزب المبادرة فعل تأسيسي لممثل شرعي و صريح للعائلة الدستورية البورقيبية التي تتميز بالوسطية و الاعتدال و التعامل مع الجميع على قاعدة الاحترام و المصلحة المشتركة لدولة مدنية اطارها الدستور و الحريات, و ان كان هذا الموقف باعتبار حزب المبادرة الممثل الوحيد للطيف الدستوري البورقيبي الأغلبي ضمن مختلف شرائح المجتمع ليس وقف صادر عن قيادة الحزب او اطاراته فهو موقف صدر على اغلب الحساسيات السياسية المتنصبة و الفاعلة, كيف لا و حزب المبادرة هو من اكثر الاحزاب التي تلقت عروض للتحالف او الانصهار او لتكوين جبهات انتخابية و سياسية و هو ما يحيلنا على الاعتقاد انه بالنسبة لكل الاحزاب الممثل الاصلي للعائلة البورقيبية.
لوائح المؤتمر التأسيسي لحزب المبادرة تتمحور بالأساس على التأكيد على المرجعية الدستورية البورقيبية للحزب و المستمدة من الحركة الإصلاحية التونسية اضافة الى العمل على رسم استراتيجية واضحة تحضى بموافقة المؤتمرين حول التحالفات و الجبهات الانتخابية التي يمكن النظر فيها خلال الانتخابات التشريعية و الرئاسية, كما نعتقد ان مسألة ترشيح كمال مرجان كمرشّح وطني توافقي لرئاسة الجمهورية سيفرض نفسه رغم انه لن يكون ضمن مقررات المؤتمر و لا من مخططات المشرفين على اعداد المؤتمر
في انتظار انعقاد المؤتمر التأسيسي للمبادرة و ما ستؤول اليه المقررات و اللوائح فاننا نعتقد بتاريخية هذه اللحظة بالنسبة للعائلة البورقيبية الدستورية بانعقاد اول مؤتمر لحزب دستوري بورقيبي كما يذكر ذلك كل قيادات الحزب و اطاراته المتوسطة و القاعدية .
Comments