المحكمة الدستورية .. ارتباك نهضاوي !
خديجة زروق
كشف مرض الرئيس الباجي قليد السبسي، عن “هشاشة” العملية الانتقالية برمتها، في علاقة بما أسمته جريدة “لوموند” الفرنسية ب “مماطلة” النخبة السياسية، في انجاز المحكمة الدستورية، التي تعد حجر الزاوية في البناء المؤسساتي للديمقراطية. كما أرجعت “لموند” الى “الحسابات الحزبية البسيطة”، مبينة أنه يرتقي ليكون بمثابة “خطأ سياسي مقترن بخطأ أخلاقي”. كما إنه يشوه ويضعف “الانتقال الديمقراطي” الذي يحتفل به كثيرًا في الخارج. و لا يمكن لتونس أن تدعي أنها أصبحت دولة قانون تستحق الاسم طالما أنها لم توفق في تكوين المحكم التي تراقب دستورية القوانين.
و هذا العجز القانوني ، تتحمل النخبة السياسية في البلاد المسؤولية عنه، وتحديدا الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان التي هي مسؤولية عن هذا الفشل في إنشاء المحكمة الدستورية. وهنا توجه الاتهامات الى الكتلة البرلمانية الأكبر والتي هيمنت على كامل الدورة البرلمانية وهي كتلة حزب “حركة النهضة”، وهو ما أكده البيان الذي صدر عن الحركة، اليوم 1 جويلية 2019، وأمضاه رئيسها راشد الغنوشي، الذي أعتبر من قبل قانونيين أنه غير دستوري.
ولعل بيان الحركة الصادر اليوم يبرز هذا الارتباك الذي يرتقي الى عدم “الجدية ” في انجاز “المحكمة الدستورية” والذي أصدرته “على اثر الجدل الذي اثاره تأخر تركيز المحكمة الدستورية والفراغ المؤسسي المترتب عنه في خصوص بعض الصلاحيات الممنوحة لها وتحديدا إقرار الشغور الوقتي أو الدائم في رئاسة الجمهورية”.
ولتجاوز ذلك “دعت حركة النهضة، “الى الإسراع بتركيز المحكمة الدستورية. وفي انتظار ذلك واعتبارا لتعدد الأطراف المتداخلة، فإنها تقترح تعديل قانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لتتولى اختصاص المحكمة الدستورية في هذا المجال”.
اقتراح غير دستوري
وتعليقا على بيان الغنوشي، قال القيادي والنائب في حزب “التيار الديمقراطي” غازي الشواشي “الحل لا يمكن ان يكون في تعديل قانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القانون و ذلك بتمكينها من معاينة الشغور الوقتي و الشغور النهائي في منصب رئيس الجمهورية و إقرارهما و ذلك للأسباب التالية :
#اولا : لان صلاحية معاينة الشغور الوقتي و الشغور النهائي و إقرارهما هي صلاحية #حصرية أسندها الدستور التونسي في فصليه. 84و85 الى المحكمة الدستورية و نفس هذه الصلاحية تم تضمينها صلب القانون عدد 50 لسنة 2015 المحدث للمحكمة الدستورية و المنشور بالرائد الرسمي و بالتالي لا يجوز إسناد هذه الصلاحية الممنوحة حصرا للمحكمة الدستورية للهيئة الوقتية
#ثانيا :الفصل 148 فقرة 7 من الدستور حدد اختصاص الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين و حصرها في مراقبة دستورية مشاريع القوانين فقط على ان تنتهي مهامها بإرساء المحكمة الدستورية و بالتالي لا يجوز دستوريا التوسيع في صلاحياتها لتشمل صلاحيات جديدة لم يسندها لها الدستور و أسندها لغيرها يعني للمحكمة الدستورية”
ليختم الشواشي بالاشارة الى أنه وفي “خلاصة_القول : هذا المقترح غير دستوري”.
مناورات حركة النهضة
ومن جهته، دون القيادي السابق في “نداء تونس” رضا بلحاج في صفحته على فيسبوك قائلا: “تواصل حركة النهضة من خلال بيانها الصادر اليوم المناورة لتجنب تركيز المحكمة الدستورية من خلال اقتراح تغيير صلاحيات الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين التي تنحصر حسب الفصل 148 الفقرة 7 من الدستور، وإسنادها صلاحيات خصها الدستور صراحة وحصرا للمحكمة الدستورية وذلك لتجاوز الفراغ الذي يحدثه عدم تركيز المحكمة الدستورية وتبرير عدم تأكد تركيزها. “.
ويتابع بلحاج مشيرا “إذا كل تنقيح لقانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين في هذا الاتجاه هو مخالف للدستور إذ أنه لا يجوز قانونا إسناد صلاحيات مسندة بمقتضى فصول من الدستور من بينها الفصل 84 المتعلق بإقرار الشغور الوقتي والنهائي بمقتضى قانون. وأكد على ذلك الفصل 120 الذي ينص في فقرته الأخيرة على أن المحكمة الدستورية تتولى المهام الأخرى المسندة لها بمقتضى الدستور.”.
كما يؤكد بلحاج على أن “الموضوع إذا محسوم ولا بد لحركة النهضة أن تتخلى عن مناوراتها التي تهدف أساسا إلى إضعاف رئيس الدولة من خلال منعه من تعيين أعضاء المحكمة الدستورية الراجعين له بمقتضى الدستور حتى لا نقول أن لحركة النهضة نوايا خفية أخرى”.
Comments