المشهد السوري .. أي مصير للأسد الابن ؟
خليفة بن سالم
هل كان أمرا مفاجئا هذا الهجوم الكاسح للجماعات المسلحة السورية ومرتزقة الجماعات المتطرفة، على مدن وازنة سورية بهذه الكيفية “الاستعراضية” وقدرتها على تحقيق” تفوق “ميداني، أم أن ما يحدث منتظر نظرا لمؤشرات عديدة، كانت توحي مجموع احداث عرفتها منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، ثم إيران فالحرب الروسية الأوكرانية فالانتخابات الأمريكية فاتفاق الهدنة مع لبنان.
إذا أخذنا كل هذه المعطيات تباعا يمكن القول أن فشل نتنياهو في تحقيق نصر “لبسط” أسس استقرار وسلم لاسرائيل مع الفلسطينيين في غزة وباقي الأراضي المحتلة، لابد له من جبهة جديدة تحفظ ماء وجهه، مع “ما يسمى شعبه في الكيان “، خاصة بعد هزيمته الأخلاقية بعد صدور حكم الجنائية الدولية.
لكن هذا لا يعني في شيء أنه وراء تحرك “الجماعات المتطرفة السورية”، وانما أجندة هذا التحرك من ضمن أهدافها التنفيس على اسرائيل المنهزمة لبنانيا وغزاويا وايرانيا، لتبقى الحلقة الأضعف في تقدير التحالف الأمريكي التركي الاسرائيلي، هي سوريا نظرا للعوامل التالية:
*** المواجهة الايرانية الاسرائلية وعواقبها الدولية، زد على ذلك صعود ترامب التصادمي يفرض على إيران الانكفاء المؤقت على حالها.
*** الضربات الموجعة التي واجهها حزب الله أخيرا، إضافة لاتفاق الهدنة ، سيفرض على حليف دمشق الثاني في المنطقة بعد إيران، الدخول في مرحلة إعادة البناء وبالتالي الانسحاب المؤقت من المجابهة.
*** حالة الاعياء والانهاك التي تعيشها سوريا وقواتها المسلحة، بفعل طول الحرب وطول الحصار الذي عرفته البلاد، الذي قطعا له انعكاساته السلبية، على قدرة المواجهة خاصة وان نظام بشار الأسد، لم يتقدم قيد انملة في صيغة سياسية للمعادلات الداخلية تمكنه من شق شبه الاجماع الخارجي على اسقاطه.
*** يعلم الجميع إن لروسيا دور محوري في بقاء وصمود نظام الأسد، على إن الحليف الروسي منشغل هو بدوره أكثر من اي وقت مضى بالجبهة الاوكرانية، حيث يلعب الغرب هذه الايام بقيادة فرنسا وامريكا ورقتهم الأخيرة مع حكومة كييف، وقبل مجيء ترمب في بداية السنة القادمة، لينهي النزاع با برام انفاق مع بوتين والتضحية بزلنسكي، وربما اشعال الجبهة السورية، سيكون كذلك بديلا للمرتزقة من الجماعات المقاتلة باوكرانيا، والتي ساهمت دول غريبة في تمويلها وتعبئتها للقتال في اوكرانيا.
اذ نلاحظ كيف إن فتح الجبهات يتم على الدوام بغلق سابقتها، فهذه الجماعات انتقلت من افغانستان الى العراق فسوريا فإفريقيا فاوكرانيا الى سوريا مجددا، وهكذا من محطة لأخرى.
واذا أمكن إن نجيز وان نلخص، يمكن القول ان إيران لم يعد بإمكانها الحضور الفاعل والقوي في سوريا، وكذلك الشأن بالنسبة لحزب الله، فيما روسيا فإنها تسعى هذه الايام لاستثمار تفوقها العسكري وتكبيدها للخسائر البشرية والمادية لحكومة زيلنسكي، في انتظار قدوم ترامب.
وبالتالي سيبقى دعم حلفاء الاسد في حدود الدعم السياسي، و من ثمة سيكون الأسد ميدانيا هذه المرة ولأول مرة، يخوض معركته وحيدا قد يخرج منها منتصرا ولكن ضعيفا، و مجبرا اما على الالتحاق بالصف العربي، الذي بدأ يمهد للقبول بالمقترحات الامريكية، في مزيد الاعتراف باسرائيل، وفق برنامج ترامب (“اتفاق ابراهام” )، أو إن يقدم على “اصلاح سياسي دستوري”، قد يعصف في نهاية الأمر بنظام .
Comments