المغرب يجمع مرة أخرى الليبيين .. ما الذي تغير من الصخيرات الى بوزنيقة ؟
غازي معلى
كانت المغرب وراء مبادرة “اتفاق الصخيرات” الذي جمع كل الفرقاء الليبيين خلال سنة 2015، وهو الاتفاق الوحيد الذي كان اثر نزاع مسلح بعد الانتخابات البرلمانية لسنة 2014 حيث كان توقيع هذا الاتفاق برعاية الأمم المتحدة، وقد تمخض عنه اساسا ميلاد المجلس الرئاسي الحالي بقيادة فائز السراج.
اجتماع هذا الأسبوع في منتجع بوزنيقة بالمغرب أيضا ، وبوزنيقة ليست هي الصخيرات، لكن نفس روح الحوار عادت من جديد بين الفرقاء الليبيين الذين حضروا وعلى رأسهم وفد المجلس الأعلى للدولة، الحالي لحكومة السراج ووفد آخر يمثل مجلس النواب المنعقد في طبرق، الموالي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
يأتي هذا الحوار الاول بعد خسارة خليفة حفتر معركته حول طرابلس و تراجعه الى ما وراء خط سرت الجفرة، ورغم أن المجتمعين لا ينتمون إلى الصف الأول من أطراف الصراع في ليبيا.
حيث لم يحضر لا حفتر ولا فايز السراج، و كان كل من عقيلة صالح رئيس البرلمان و خالد المشري رئيس مجلس اعلى الدولة، إلا أن شعار المرحلة كان هو تحقيق توافقات مهمة، فقد اتفق الوفدان ، في اليوم الثالث من المشاورات، عن الوصول إلى تفاهمات مهمة و وضع معايير واضحة تهدف للقضاء على الفساد والحد من إهدار المال العام، ثم إنهاء حالة الانقسام المؤسساتي مثل البنك المركزي و المؤسسة الوطنية للنفط و ديوان المحاسبة.
و قد اجتمع الوفدان حسب ما تنص عليه المادة 15 من اتفاق الصخيرات وتنص المادة 15 في اتفاق الصخيرات على أن مجلس النواب يقوم بالتشاور مع مجلس الدولة خلال 30 يوما، بهدف التوصل إلى توافق حول شاغلي المناصب السيادية بالملموس، فإن الفرقاء الليبيين الذي اجتمعوا في بوزنيقة، اتفقوا على كيفية تقسيم المناصب السيادية حسب الاقاليم و توزيع المناصب على الاقاليم و جاء التقسيم او التفاهم كما يلي :
طرابلس: النائب العام مفوضية الانتخابات ديوان المحاسبة
برقة: البنك المركزي الرقابة الادارية
فزان: المحكمة العليا هيئة مكافحة الفساد .
ويمكن القول إن نجاح لقاء بوزنيقة يشكل ضربة كبرى لكل المبادرات الاقليمية الاخرى سواء كانت التونسية او الجزائرية او المصرية و بالتالي نجحت المغرب و لو موقتا في تثبيت اتفاق الصخيرات و وجهت بوزنيقة، المدينة الصغيرة، إشارة قوية في تدبير الحوار لمدينة أكبر وأعظم هي برلين، التي اجتمع فيها قادة العالم لمحاولة وقف اطلاق النار في اواخر 2019 و لم يفلحوا و استبعدت منها المغرب ( كما تونس و الجزائر ).
وبغض النظر عن مصير الحرب في ليبيا، وهي العملية التي تورطت فيها عدة أطراف، فإن العودة إلى “اتفاق الصخيرات” يعني العودة إلى الاتفاق الأصلي، و هذا ممكن ان يوصلنا الى تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية، مجلس أعلى للدولة الغرفة الاستشارية و عودة زمام المبادرة الى الليبيين انفسهم و محاولة الخروج عن السيطرة و الهيمنة الدولية و خاصة الاقليمية و الابتعاد ولو خطوة عن شبح التقسيم و تشتيت الموارد و المؤسسات و ارجاع منسوب الثقة بين الليبيين من القاعدة الى القمة و اعطاء امل ولو طفيف للشعب الليبي الذي يعاني من ازمات معيشية خانقة من مثل النقص في السيولة و انقطاع متواصل للكهرباء و نقص كبير في الوقود و غلاء في الاسعار، جعل شباب طرابلس و بنغازي يخرجون منددين بالطبقة السياسية و بالفساد.
Comments