الجديد

النهضة: البرلمان ثم الحكومة .. فصل المسارات

هشام الحاجي
لم يسبق لجلسة افتتاحية لعهدة تشريعية ان حظيت بما  تحظى به الجلسة التي سيعقدها مجلس نواب الشعب صباح الغد و التي ستشهد انتخاب رئيس المجلس و مساعديه و ذلك لارتباط هذا الانتخاب بحالة الاستعصاء التي تعيشها مشاورات تشكيل الحكومة .
فقد قررت حركة النهضة ترشيح رئيسها راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان في ذات الوقت الذي تمسكت فيه بان لا تتخلى عن رئاسة الحكومة و هو ما اعتبره منافسوها استعراضا غير مبرر لقوة سياسية غير موجودة لأنها لم تفز بالأغلبية المطلقة و لأنها لم تستوعب لحد الان خطورة الميل الى “التغول السياسي” و لان سياسات التوافق و مشاركتها من مواقع متقدمة في ادارة الشأن العام قد افقدها “النقاوة الثورية ” و هو ما يفرض عليها تبني “ملمح منخفض” .
ترشيح راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان يمثل من هذه الزاوية “مرورا بالقوة” ينطبق عليه التعبير “يمر او ينكسر ” لان الامر لا يخلو من مخاطر .
فقد استبقت الاحزاب المختلفة مع حركة النهضة الجلسة بتقديم مرشحين لرئاسة المجلس .و اذا كان ترشيح “قلب تونس” لرضا شرف الدين استعراضيا او ربما يندرج في اطار البحث عن “تحسين شروط التفاوض” دون رفع سقف المطالب فان ل”حركة الشعب” و “التيار الديمقراطي” تمشيا اكثر صرامة .
حزب “قلب تونس” قدم هذا اليوم من خلال لقاء جمع راشد الغنوشي برضا شرف الدين تنازلا معنويا من خلال الاشارة حسب بعض المصادر الى امكانية دعم نواب “قلب تونس” لراشد الغنوشي في معركة رئاسة البرلمان مقابل “ضمانات ” لرئيس الحزب نبيل القروي في معركته “القضائية و هي “مقايضة ” لم تتأكد و نفاها مسؤولون في قلب تونس و قد يكون الامر متعلقا بالدور الثاني من تصويت اعضاء مجلس نواب الشعب.
الثنائي ” حركة الشعب” و “التيار الديمقراطي” ينظران  للأشياء بطريقة اخرى اذ يعتبر انه لا بد من “هزم ” راشد الغنوشي في معركة الغد حتى تعود حركة النهضة الى حجمها “الطبيعي” و تقبل التفاوض حول الحكومة من خلال التراجع عن تمسكها برئاسة الحكومة .
حركة النهضة تدخل “معركة البرلمان” في ظل شكوك متزايدة حول قدرتها على فرض توجهاتها و على الاستجابة لتطلعات و رغبات قواعدها في التمسك برئاسة الحكومة. ذلك ان ناي الرئيس قيس سعيد بنفسه عن دعم سيناريو “حكومة الرئيس” قد اراح النهضة من جهة قصر قرطاج و لكنه ابقى على “مخاوفها ” من كيفية تعاطي حركة “الشعب” و “التيار الديمقراطي” بالدرجة الاولى و من نوايا “تحيا تونس” و اغلب المستقلين من ناحية ثانية.
و هو ما جعل بعض قيادييها يدفعون في اتجاه الاعلان منذ اليوم عن تخلي الحركة عن تمسكها برئاسة الحكومة حتى تكسب اصواتا اضافية في معركة تعني حركة النهضة و تهم بالدرجة الاساسية راشد الغنوشي الذي يخوض اهم معاركه السياسية لان فشله او نجاحه بالحد الادنى الضروري من الاصوات ستضعف دوره خاصة داخل الحركة .
جلسة الغد تمثل ايضا اول اختبار لطريقة تفاعل اعضاء مجلس نواب الشعب في ما بينهم لان تعدد الترشحات لرئاسة البرلمان يمثل مؤشرا على “عوائق حقيقية ” في التواصل و ضعفا في ثقافة التواصل قد يؤدي الى اعادة انتاج ممارسات عاش على وقعها مجلس نواب الشعب في العهدة النيابية السابقة و اعاقت عمله و اساءت الى صورته لدى الراي العام و لا تبعث تصريحات احد نواب الحزب الحر الدستوري بان نواب الحزب لن يتعاملوا باي شكل مع نواب النهضة و لن يبادلوهم التحية على الاطمئنان لان هذه “القطيعة السياسية و الانسانية ” توفر ارضية للانزلاق نحو كل مظاهر العنف.
هشام الحاجي
 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP