النهضة تبحث عن ” تسوية” وتقدم المشيشي و حكومته ” عربونا” لها !
منذر بالضيافي
قال العجمي الوريمي، القيادي في النهضة ان الحركة “انطلقت في مشاورات حول تسوية سياسية تشمل حتى الحكومة”.
يكشف هذا التصريح، ان حركة النهضة لم تستوعب المتغيرات التي طرأت على المشهد بعد انتخابات 2019، ولا ايضا مستوعبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعصف بالبلاد في تزامن مع تمدد وباء زاد في تعقيد المعقد.
العقل السياسي ” النهضوي”، يفتقد للبعد الاستراتيجي وهو يحصر الممارسة السياسية في ” المناورات” و ” البراغماتية “، التي تبحث عن مصلحة الجماعة/ التنظيم” اولا، بحثا عن اعادة التموقع والانتشار في السلطة.
وهو تصور يقوم على تحالفات ” مصلحية” ضيقة، مستفيدة في ذلك من ضعف وتشتت بقية مكونات المشهد.
وهذا ما حصل في ي عهدة 2014/2019، وانتهي بزوال الحاجة اليه وايضا مع بروز “قوى جديدة”، ترفض دور ” الكومبارس” او ” الطرطور” في ” تسوية سياسية ” تكون الكلمة الفصل فيها لمونبليزير.
حصل هذا مع حكومة الفخفاخ، التي ابعدت فيها الحركة عن ” قلب الحكم”، فكان ان سرعت باسقاطها، كما حصل ايضا علاقة بالرئيس قيس سعيد ، الذي له تصور مختلف لادارة الشأن السياسي، صعب معه على الجماعة ايجاد ارضية – حتى دنيا – للالتقاء معه.
تصور قيس المختلف كان وراء ارباك حسابات الحركة ، ودفعها الى الدخول معه في صراع، وهنا وللأمانة فان الاسلاميين هم اول من بدا ب “التحرش” بالرئيس سعيد، لينقلب لاحقا السحر على الساحر، وننتقل من حرب باردة بين القصر وباردو الى وضع ينذر بالمواجهة.
على الاسلاميين ان يدركوا جيدا ان قوانين اللعبة قد تغيرت كثيرا، وانهم في موقع لا يخول لهم التحكم فيها وعليهم القبول بالمشاركة فقط ، التي قد تصبح ايضا غير ممكنة في حالة حصول تحالفات وانقلابات في المواقف، وهو سيناريو وارد، ويلاقي ترحابا كبير ا من خصومها السياسيين وايضا من النخب، و من قطاع واسع في المجتمع.
ان المبادرة السياسية اليوم ليست بيد حركة النهضة ، فهي طرف في التوتر و الصراع السياسي وحول السلطة، هذا لا يعني انها لن تكون طرفا في اطار تسوية شاملة لانقاد البلاد.
تسوية لا يجب ان تقام على تقديم عرابين مثلما لوحت النهضة بذلك، واقصد هنا التضحية بالمشيسي وحكومته لارضاء القصر، تصور يعبر مرة اخرى عن سوء تقدير للمصلحة الوطنية.
فالتغيير الحكومي في سياق سياسي متوتر واقتصادي منهار وصحي كارثي يعد ” مقامرة” كبيرة، فالوضع الحالي يفرض استقرار حكومي، مع وضع خارطة طريق محددة بسقف زمني وبأولويات معلومة للجميع ( مقاومة الوباء، الحد من الانهيار الاقتصادي …) ، واعداد البلاد لانتخابات مبكرة ( اصلاحات قانونية ودستورية، تتعلق بمراجعة القانون الانتخابي وبتشكيل المحكمة الدستورية).
Comments