النهضة ترفض "بدعة" حكومة الرئيس وتتمسك بحقها في رئاسة الحكومة
علاء حافظي
يعتبر انعقاد مجلس شورى حركة النهضة الحدث الابرز سياسيا في نهاية هذا الاسبوع الذي يكاد يخلو من الاحداث السياسية الهامة . و لا شك ان اجتماع مجلس شورى حركة النهضة لا يستمد اهميته من غياب الاحداث السياسية الهامة فقط بل اساسا من مكانة حركة النهضة في مشهد سياسي مفتوح على كل الاحتمالات و من تداعيات نتائج الانتخابات الرئاسية و التشريعية على هذا المشهد و على مستقبل “الاستثناء الديمقراطي التونسي”.
فضلا عن كونه يمثل مناسبة مهمة لتقييم اداء و حصيلة حركة النهضة من “المعركة الانتخابية ” التي اختلفت في تفاصيلها و عناوينها الكبرى عن انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
اذا ما انطلقنا من هذه النقطة يمكن القول ان الحصيلة لم تكن ايجابية في المطلق و لكن “تنسيبها ” من خلال المقارنة مع نتائج بقية الاحزاب الاخرى و خاصة تلك التي تقف على طرفي نقيض مع حركة النهضة كالجبهة الشعبية و بدرجة اقل حركة “نداء تونس” .
لا يمكن ان يريح تراجع الكتلة الانتخابية للحركة و بالتالي شعبيتها اطارات الحركة و من غير اليسير ان لا تثير هزيمة عبد الفتاح مورو في الانتخابات الرئاسية بعض “الامتعاض ” خاصة اذا ما وقع تنزيل هذه “الهزيمة ” في اطار الطموحات العالية التي وضعتها الحركة قبل الانتخابات حين اعتبرت انها ستفوز ب’الرئاسات الثلاث “.
لكن ما يبدو واضحا ان مرحلة ما بعد الانتخابات قد اعادت للحركة الكثير من تماسكها و ساهمت في اعادة اغلب اوراق اللعبة السياسية داخل الحركة و خارجها الى ايدي راشد الغنوشي .
و من المنتظر ان يؤكد مجلس شورى حركة النهضة هذه “الحقائق” من خلال التأكيد على ان راشد الغنوشي هو من حيث المبدأ مرشح الحركة لرئاسة الحكومة و لخوض المفاوضات الضرورية لتشكيل الحكومة او للاتفاق على صيغة اخرى .
تقديم اسم راشد الغنوشي هو “ضرب لعدة عصافير بشخص واحد” اذ يؤكد استعداد الحركة لتحمل مسؤولية الحكم و هي التي طالما اعتبر معارضوها انها “تتملص ” من تحمل اعباء الحكم و يمثل اجابة على الذين رغبوا في ان تتخلى عن مهمة تشكيل الحكومة لشخصية مستقلة و هو الاقتراح الذي رفضته اطارات الحركة بوصفه يعني ضمنيا فقدان حركة النهضة لكفاءات قادرة على تسيير البلاد يضاف الى ذلك ان في اختيار راشد الغنوشي اغلاق للباب امام اختلافات داخلية ممكنة حول الاسم الذي قد تقترحه حركة النهضة لتشكيل الحكومة .
يبدو ان ما سيتمخض عن مجلس الشورى من قرارات يأخذ بعين الاعتبار رهانات الاسبوع القادم الذي سيشهد خاصة تنصيب رئيس الجمهورية قيس سعيد و هو حدث له ابعاد بروتوكولية و لكنه يفتح الباب امام واقع جديد بالنسبة لحركة النهضة التي ستجد نفسها مدعوة للتعامل مع رئيس جمهورية ساهمت قواعدها في تغليب كفته في الدور الثاني.
و لكن قيادتها بقدر ما تحرص على ان تنطلق في التعامل معه من خلال البحث عن التناغم و التفاعل الايجابي فان لديها بعض “المخاوف” من ان تكون مناهضته للنسق جذرية الى الحد الذي يضعها في تناقض صارخ معه و من ان “تلتف ” عليه بعض الاحزاب السياسية التي قد تستهويها تجربة ان تكون حزب الرئيس و خاصة حركة الشعب التي اتسعت الهوة سياسيا بينها و بين حركة النهضة شانها شان “التيار الديمقراطي” .
الحزبان “يناوران” حسب حركة النهضة من اجل اعاقة مساعيها لتشكيل الحكومة من خلال الدفع في اتجاه سحب مهمة تشكيل الحكومة من حركة النهضة و منحها لرئيس الجمهورية بالنسبة لحركة الشعب.
من خلال اتصالات يقوم بها محمد عبو في محيط الاحزاب التي لها ممثلون في مجلس نواب الشعب من اجل دفعها للتفاوض بشكل مشترك مع حركة النهضة من اجل “افتكاك اكثر ما يمكن من التنازلات ” و الحقائب الوزارية .
قيادة النهضة تحركت على ما يبدو لمد جسور التواصل و التفاعل مع قيس سعيد و يبدو ان ذلك قد يثمر اتفاقا على انجاح المائة يوم الاولى و على الحديث مجددا على العتبة الانتخابية بما يقلص من دور “بقايا الاصوات ” في منح عضوية مجلس نواب الشعب و على ان فرضية الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها قد تكون حلا لتجاوز “حالة العرقلة ” التي يريد البعض فرضها.
كما أنه من المتوقع ايضا ان تتعزز كتلة حركة النهضة بالتحاق نواب من المستقلين.
Comments