النهضة تفقد المبادرة بعد سقوط حكومة الجملي
هشام الحاجي
يعتبر عدم منح مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة التي اقترحها الحبيب حدثا مفصليا في المشهد السياسي الوطني. و يمكن التطرق الى الحدث الذي عاشه مجلس نواب الشعب من عدة زوايا قد تكون علاقته بحركة النهضة احداها و ذلك لسببن على الاقل.
ذلك أن حركة النهضة هي التي اقترحت الحبيب الجملي لتشكيل الحكومة التي رفضها النواب و لأن هذه “الهزيمة ” ستكون لها بكل تأكيد تداعيات على حركة تعددت في المدة الأخيرة مظاهر تؤكد أنها تعيش حراكا داخليا يتمحور حول مستقبلها و خاصة مستقبل رئيسها راشد الغنوشي تحديدا.
و عجز حركة النهضة في جمع ما يكفي من الأصوات لتمرير الحكومة التي اقترحتها يمثل أول فشل سياسي للحركة منذ أن انجزت في أكتوبر 2005 تحالفها الذي فك عزلتها السياسية و مكنها من لعب دور متقدم في أهم المحطات السياسية التي اعقبت 14 جانفي 2011 و كانت الطرف السياسي الذي فرض الإيقاع على الجميع.
تتالي النجاحات قد يكون أحد أسباب هذه “الهزيمة ” و هو ما تجلى في أمرين على الأقل. خطاب اعضاء الكتلة البرلمانية لحركة النهضة ظهر في جلسة منح الثقة فاقدا للحيوية السياسية و طغى عليه السقوط في السجال و المنطق الدفاعي الذي تحول في بعض الأحيان إلى شيء من التعالي غير المبرر.
و اما الأمر الثاني فيتمثل في الاستخفاف ببقية الشركاء السياسيين و الذي تجلى في إختيار شخصية مغمورة لتشكيل الحكومة و محاولة ايهامهم أنها مستقلة علاوة على غياب رؤية واضحة في ادارة المفاوضات و إعتماد أسلوب “العصا و الجزرة ” الذي يحيل إلى اساليب الأنظمة غير الديمقراطية.
حركة النهضة تأثرت بسنوات ممارسة السلطة التي سربت لها ممارسات ذات علاقة بالزبونية السياسية و بتغليب منطق الولاء و التي جعلت حساباتها الداخلية تطغى على بقية الاعتبارات عند تعاطيها مع أهم الملفات الوطنية.
و من هذه الزاوية فإن سقوط الحبيب الجملي في إمتحان الثقة هو هزيمة لراشد الغنوشي بالدرجة الأولى و هو ورقة إضافية لفائدة الجناح الساعي لدفع راشد الغنوشي إلى عدم تأجيل مؤتمر الحركة و إلى مغادرة رئاستها.
و قد تتعمق تداعيات الهزيمة إذا لم تحسن حركة النهضة التفاعل مع مشاورات و مناورات تشكيل الحكومة الجديدة لأن ضعف دورها أو تحولها إلى موقع المعارضة قد يخلق لقيادتها متاعب إضافية.
Comments