النهضة في الشارع .. ” المقامرة” الخاسرة !
منذر بالضيافي
بعيدا عن الجدل، مع او ضد المسيرة، التي دعت لها النهضة غدا السبت، وانا اتابع ردود افعال النهضويين على خصومهم ، اقدر ان الجماعة ما تزال متقوقعة على نفسها تنظيميا وثقافيا.
وانها ما تزال وفية لفكر وشعارات البدايات والمرجعية الاخوانية، وان ما قيل حول المراجعات وخاصة الفصل بين السياسي والديني، مجرد اضغاث احلام ، وتقية مارستها الجماعة طيلة العشرية الاخيرة، وكشفتها الازمات التي تعيد الاخوان الى مربعهم الاول، الذي لم يغادروه اصلا.
يريد جماعة النهضة الترويج الى كون الاخر ( خصومهم السياسيين) يخطط لإقصائهم، ولعب دور ” الضحية” الذي يتقنونه جيدا، في مسعى لإخفاء فشلهم في الحكم ، وفي خدمة الناس طيلة عشرية كاملة، وهذا هو جوهر الصراع اليوم وليس الاسلام في خطر .
الحشد والتعبئة وحالة ما يشبه الهستيريا التي ميزت رد فعل النهضة على الازمة السياسية اقدر انها ستزيد من عزلة الاسلاميين في المجتمع ولدى النخب.
كما ستعيد المخاوف التي تراجعت بعد مراهنة النخب العقلانية ( الباجي قايد السبسي) على خيار ادماج الاسلام السياسي في الحياة السياسية وفي الحكم بدل الصراع والاستئصال الذي ساد ما قبل الثورة.
ان مراهنة الاسلاميين، على الاحتماء بالدولة و اجهزتها، لمزيد تأبيد وجودهم في الحكم ، والبروز بمظهر المدافع عن الشرعية والمؤسسات، التي عجزت عن ادارة الازمة ، وهو ما يفسر توجه الاسلاميين الى ترحيلها للشارع، هو اضعاف للمؤسسات الدستورية التي هم طرف قوي و مؤثر فيها، كما انه يمثل ” مقامرة” غير مربحة، لأنه قد يشرع للفوضى والتقاتل، في ظل حالة الاحتقان و الانقسام المجتمعي الكبيرين.
في كتابي: ” الاسلاميون والحكم .. تجربة حركة النهضة” ( مارس 2014)، كنت حذرت النهضويين من ضرورة عدم اعادة انتاج التجارب الفاشلة والكارثية التي حكمت باسم الاسلام والتي قادها اسلاميون.
لكن الجماعة في تونس لا تنصت، ونعيش اليوم تجربة حكم اخرى فاشلة لتيار الاسلام السياسي، في تونس التي كنا نقدر ان ” الاسلامية التونسية” اكثر نضجا ، لكن خاب تقديرنا، ونأمل ان لا يستمروا في المكابرة، التي تمثل خطرا على وحدة الدولة والمجتمع.
Comments