الجديد

النهضة في مواجهة قيس سعيد .. هل هي ” أم المعارك”؟

هشام الحاجي

أنهى البيان الذي أصدرته حركة النهضة اليوم كل إمكانية لحوار أو وساطات من شأنها أن تضع حدا للتوتر المتنامي في علاقتها مع رئيس الجمهورية قيس سعيد. البيان إعلان على أن الحركة مستعدة لخوض المعركة السياسية التي ساهم قيس سعيد في إثارتها و تفذيتها.

و بعيدا عن التخوفات المشروعة التي يمكن لخلاف بهذا الحجم و في هذا التوقيت أن يثيرها من إمكانية الانزلاق للعنف فإن الجميع يدرك أن المواجهة بين قيس سعيد و حركة النهضة تمثل ما يمكن اعتبارها ” أم معارك ” المنظومة الحالية و ذلك لعدة أسباب متداخلة.

ذلك أن حركة النهضة قد اعتقدت عند ترشح قيس سعيد للانتخابات الرئاسية أنها قد عثرت على ” العصفور النادر ” المنتمي لما سمي ” التيار الثوري” و الذي يسهل التعامل معه و ربما ” توظيفه” و هو ” البكر سياسيا ” و الذي لا يستند إلى حزب سياسي علاوة على أنه أقرب إيديولوجيا لحركة النهضة لأنه محافظ إيديولوجيا.

اتضح سريعا أن حسابات النهضة كانت ” ساذجة ” و بعيدة عن الواقع بل و ساهم مسار الأحداث في إصابة سردية ” الاختيار الثوري ” في مقتل بعد أن تحولت الأحزاب التي يفترض أنها تمثل هذا الاختيار إلى أحزاب متعارضة و “متقاتلة ” و هو ما زاد في إرباك المنظومة الحالية.

و لا شك أن حركة النهضة لا تخوض المعركة ضد قيس سعيد و هي في أفضل حالاتها. ذلك أن وضعها الداخلي لا يخلو من هزات كما أن تحالفاتها قد تقلصت إلى أبعد الحدود علاوة على أن مواجهتها لخصم لا ينتمي للطبقة السياسية التقليدية يجعلها لا تتوقع ردود فعله.

و ما هو مؤكد في هذا الإطار أن ” التسريبات ” و ” الملفات ” ستكون من بين الأدوات المثلى لهذه المعركة و هو ما سيؤثر على ” الخصمين ” و لكن تأثيره سيكون أكبر على ” منظومة الانتقال الديمقراطي ” ذاتها إذ سيكشف حجم الفساد و توظيف الأجهزة الأمنية و القضاء و عدم شفافية الإنتخابات و هو ما يمثل في العمق ضربة لمصداقية ” سردية الثورة ” .

بلوغ الخلاف بين رئيس الجمهورية و حركة النهضة حد المواجهة المفتوحة على أسوء الاحتمالات يمثل أيضا دليل فشل المؤسسات السياسية في امتصاص الاحتقان و هو الدور المنوط بالمؤسسات التمثيلية في الأنظمة الديمقراطية و هو ما يعني أن المنظومة الحالية تشكو من خلل هيكلي انعكس على مصداقية كل القوى المؤثرة فيها بما في ذلك المنظمات الوطنية.

لقد عجز الاتحاد العام التونسي للشغل عن إعادة إحياء تجربة الحوار الوطني و في ذلك أيضا دليل على ما لحق المنظمة الشغيلة من تراجع في القدرة على التأثير و هي التي ” فرض ” عليها ” المسار الثوري” أن تكون أكثر استجابة لوصفات صندوق النقد الدولي و أن تشاهد دون قدرة كبرى على التأثير تراجع المقدرة الشرائية للمواطن و تنامي الفوارق الطبقية، شظايا معركة قيس سعيد و حركة النهضة ستصيب الجميع و ستفرض معطيات جديدة.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP