الجديد

حركة النهضة

النهضة: “نحن في الحكم ولا نحكم!”

خديجة زروق

لا تفوت قيادات حركة النهضة،  أية مناسبة لتؤكد على أنها “قيدت” من باب “الاضطرار”، الى المشاركة في حكومة الياس الفخفاخ، وان كان هذا واقعا معلوما، ويعرفه الجميع، خصوصا بعد أن هدد الرئيس قيس سعيد بمنح الثقة للحكومة أو حل البرلمان، وهو يعد بالنسبة للنهضويين “أبغض الحلال”، فالحركة التي تراجع رصيدها الانتخابي بشكل لافت بين انتخابات 2011 و 2019 بنحو مليون ناخب، أصبح تقدر أن الذهاب الى “مغامرة انتخابية” لن يكون “مضمونا” لذلك قبلت “مرغمة” المشاركة في الحكومة، ضمن ائتلاف حكومي تناصبها بعض أطرافه “العداء السياسي”، ولا يخضع رئيسه ( الفخفاخ) لإملاءاتها وشروطها، التي كانت بحوزتها في الحكومات السابقة.

ولعل هذا ما يفسر  “الوضعية الغريبة” لتموقع حركة النهضة في المشهد السياسي، ففي الوقت الذي تشارك فيه الائتلاف الحكومي، فان الحركة تقود “جبهة برلمانية” لا يمكن الجزم حد القول بأنها معارضة للحكومة، بل في أقلها تمارس “قوة ضغط” عليها، وتجعل من كل مشاريع القوانين التي تنوي عرضها تحت رحمة “الجبهة البرلمانية” التي تتحكم فيها، ولعل هذا ما يشير الى أن النهضة تريد أن تجعل مسافة “نقدية” هي أقرب ل “المعارضة” لحكومة الفخفاخ، ربما تمهيدا للتخلص أو التبرؤ من حصيلة الحكم، أو حتى التخلص من الحكومة برمتها، مثلما يشير الى ذلك عدد من قيادات أحزاب الائتلاف الحاكم.   فهل أن الموقف النهضاوي من حكومة الفخفاخ  يندرج في اطار خطة لابتزازها قصد  الوصول الى تحسين شروط التفاوض أم أنه يروم  فرض تغيير في موازين القوى داخل الحكومة؟

لابد من الاشارة، الى أن حركة النهضة غير راضية على وجودها الحالي في الحكومة ، ونعني هنا تحديدا درجة تأثيرها على صناعة القرار أو التأثير فيه وتوجيهه داخل فريق الفخفاخ، ولا يخفي قياداتها أنهم “موجودين في الحكومة لكنهم لا يحكمون”، وضعية لا تريح الحزب الذي لن يرضى بغير تنفيذ سياساته وخياراته و”التمكين” لها، وذلك برغم الوجود العددي للحركة في تركيبة الحكومة، وتمتعها بنصيب مهم من التعيينات في القصبة وفي العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية في انتظار حصد “الغنيمة” في تعيينات الولاة والمعتمدين التي تتفاوض بشأنها قيادة الحركة مع الفخفاخ.

الثابت اليوم، وبعد أكثر من تسعة سنوات من الثورة ، أن حزب الحركة الاسلامية ، لا يرى نفسه خارج دائرة الحكم، تحديدا في “المفاصل” الرئيسية لمؤسسات وأجهزة الحكم، وأنه لا يرضى بغير ذلك بديلا، حتى لو كان له نصيب الأسد من الوزارات ومن التعيينات، فالحركة تريد أن تكون لها “عين” تحرس ادارة الدولة، بمعني تكون صاحبة الرأي الفصل في صنع القرار السياسي، وقبله في وضع السياسات والبرامج،  لا في الداخل فقط بل أيضا في مجال العلاقات الخارجية، ولعل هذا ما يفسر تحويل البرلمان برئاسة راشد الغنوشي رئيس الحركة، الى “منصة” سياسية ذات اشعاع داخلي وخارجي، لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها في تدبير شؤون البلاد والأمة.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP