اليوم مؤتمر “نداء تونس” .. فرصة أم مأزق ؟
منذر بالضيافي
ينتظم اليوم 6 فيفري 2019 بمدينة المنستير المؤتمر الوطني الانتخابي لحركة “نداء تونس”، تحت شعار ” مؤتمر الإصلاح والالتزام “.. ويشرف على المؤتمر في جلسته الافتتاحية الرئيس المؤسس للحركة، الباجي قائد السبسي، وذلك بمشاركة أكثر من 10 آلاف من قواعد حركة نداء تونس وأنصارها من كامل جهات الجمهورية التونسية.
ويشارك في أشغال المؤتمر أكثر من 1800 نائب، حيث ستقع المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة على اللوائح وتنقيح النظام الداخلي لحركة نداء تونس، وسيشمل التنقيح التركيبة الجديدة للحركة وهياكل جديدة للحزب، كإحداث لجنة مركزية ومجلس وطني وهيئة سياسية.
وهنا يتبادر سؤال مهم، وهو التالي: هل سينهي المنستير الأزمة المزمنة والهيكلية التي دخل فيها الحزب أم أنه سيزيد في تعميقها وتأبيدها ؟ هل سيكون “فرصة” أم “مأزق”؟
اذا ما أراد “نداء تونس” الاستمرار و “التموقع” في المشهد السياسي القادم وخصوصا الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقررة لنهاية السنة الجارية، فان مؤتمر المنستير لابد أن يرتقي لما حصل في لحظة التأسيس الأولى، في جوان 2012 التي مثلت لحظة “فارقة”، في المشهد السياسي والحزبي التونسي ما بعد ثورة 14 جانفي 2011، حيث استطاع حينها الحزب بناء “كتلة تاريخية” صماء تصدت لهيمنة التيار الاسلامي على الحياة السياسية، وبالتالي حماية “النمط المجتمعي” التونسي.
كما استطاع احداث ديناميكية مجتمعية مكنت من كسب معركة المنافسة على السلطة، وهو ما حصل فعلا من خلال الفوز بالاستحقاقات الانتخابية التي تمت سنة 2014 (سنتين بعد تأسيس الحزب)، الانتخابات التشريعية والرئاسية.
إن عدم تطويق أزمة الحزب الأغلبي، جعل البلاد أمام وضع جديد، اصبحت فيه كل السيناريوهات ممكنة وواردة. هذا ما جعل كل المراقبين للمشهد السياسي في تونس يولون عناية خاصة للمؤتمر الانتخابي الأول الموعود.
وهناك اقرار بأن كل الأحزاب التي انشقت عن حزب “نداء تونس”، لم تنجح في تعويضه أو في تقديم البديل السياسي، الذي يحدث التوازن في المشهد السياسي والحزبي، مع حركة النهضة الاسلامية، ما جعل كل مكونات ما يسمى ب “العائلة الديمقراطية” تنادي بضرورة توحيد هذه العائلة في قوة سياسية واحدة و مهيكلة، وهنا وبرغم الأزمات وحالة الارباك التي عليها نداء تونس، فانه ما زال يمثل لدى قطاعات واسعة فضاء واطار تنظيمي وسياسي لمنافسة الاسلاميين.
وبالتالي فان المؤتمرين في المنستير يجدون أنفسهم أمام تحدي ورهان كبيرين، اذ أن الانتضارات من هذا المؤتمر – كما سبق وأن أشرنا – سوف تتجاوز قاعة المؤتمر وكواليسه الانتخابية، لذلك نرى أنه يمثل “فرصة” للشروع في اعادة ترتيب البيت السياسي للقوى الديمقراطية، ولكن هو أيضا وفي حالة الفشل، فانه سيعمق من أزمة هذه العائلة، عشية استحقاق انتخابي تشريعي ورئاسي هام.
للاشارة، فان أزمة ما كان يسمى بالحزب الحاكم (نداء تونس)، تجاوزت حدود تأثيرها للبيت الداخلي الحزبي، لترمي بظلالها على المشهد العام في البلاد. وذلك من خلال إرباكها لمؤسسات الحكم، فقد كان لهذه الخلافات تأثير مباشر على أداء واستقرار حكومتي الحبيب الصيد ويوسف الشاهد.
كما أثرت أيضا، بصفة سلبية في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، سواء في ما يتعلق بمراقبته للحكومة أو من حيث القيام بدوره التشريعي، من دون أن نغفل عن وقع هذه الأزمة على هيكلة البرلمان، توزيع الكتل والأغلبية البرلمانية.
لم يسلم قصر الرئاسة بقرطاج من شظايا نيران أزمة النداء، من ذلك أن الرئيس وكبار مستشاريه قد تحولوا إلى طرف في الأزمة، ما أثر سلبا على رمزية واعتبارية الرئيس ومؤسسة الرئاسة. وهو ما دفع الرئيس السبسي إلى “التبرؤ” في أكثر من مناسبة من “شبهة التوريث”، وذلك ردا على “اتهامات” له بأنه يسعي لتوريث نجله، في حزب “نداء تونس” وفي مؤسسات الحكم.
Comments