بروفايل// أحمد نجيب الشابي .. السياسي لا يتقاعد
خديجة زروق
يعود أحمد نجيب الشابي، إلى مقدمة الركح السياسي من جديد، وهو الذي لم يغب عنه في الواقع، يعود و في جرابه تجربة في الفكر والممارسة السياسية ، يفتقدها جل من “يتصدرون” المشهد الحالي، تجربة فاقت الخمسين عاما، يعود بنفس ” الشغف ” الذي لازمه منذ البدايات، بذات الأفكار “الثورية” وبذات “حماسة” الشباب، و بالأفكار و المشاريع الكبرى، التي يخيل للبعض أنها أصبحت من الماضي.
تنقل أحمد نجيب الشابي، بكثير من السلاسة و المرونة، من التعلق بالسرديات و ” الطوباويات” الكبرى، إلى تمسك لا يقبل النقاش و المقايضة ، بالديمقراطية و حقوق الإنسان.
و بقدر ما يبدو أحمد نجيب الشابي مطمئنا بالتجارب التي خاضها و متحملا لتبعاتها السياسية، بقدر ما كلفه الترحال بين الأفكار والتحارب السياسية والتنظيمية الكثير من الخسارة دون أن تفقده “محبة” و “تقدير” الجميع.
لكن، هذا لا ينفي أن الرجل خسر الكثير من الأصدقاء و ” الحلفاء”، بل و ” الفرص ” لنيل نصيب من المسؤوليات خاصة بعد 7 نوفمبر 1987 ، إذ دعم نجيب الشابي زين العابدين بن علي، و فتحت بعض القنوات بين الرجلين، اغلقها أحمد نجيب احتجاجا على الأساليب التي اعتمدها نظام بن علي للتخلص من الإسلاميين، الذين زاد تقارب الشابي منهم في خسارته لتعاطف و إعجاب قطاعات واسعة من اليسار، زادت في النأي باليساريين عنه.
بالكثير من الشجاعة والمبدئية دافع “سي نجيب” عن الاسلاميين ( النهضة) في تحالف 18 أكتوبر الشهير، الذي كان جسر عبور حركة راشد الغنوشي إلى الحياة السياسية التونسية بعد سنوات طويلة من “الاستئصال”، و أحد أهم الأدوات التي ساهمت في إزاحة زين العابدين بن علي عن الحكم، وهو ما يقر به الغنوشي واخوانه، ففضل الرجل عليهم ( الاسلاميين) كبير، وهو الذي فتح لهم مقرات حزبه وصحيفة “الموقف”، كما اوى قياداتهم زمن “المحنة”، وهو “فضل” و “منة” لا تنسى عند الشرفاء.
و في الوقت الذي كان الجميع ينتظر أن ” يجني ” أحمد نجيب الشابي ” ثمار” مساهمته في التخلص من بن علي، و إن يدعم تحالفه مع “النهضة” ( وهو صاحب الفضل عليهم )، اختار “سي نجيب” أن يعلن القطيعة مع الاخوان، و أن يتحول إلى أحد أشد معارضيهم، مستعيدا في نقدهم نفس المعجم الذي استعمله في نقده لنظام بن علي، وهو موقف فيه الكثير من الصواب، والأيام ستبين ذلك أو أنها بصدد تبيان ذلك.
الان وهنا، وفي زمن فارق تمر به تونس، التي تجد نفسها في “كماشة” ما بين “شعبوية” الرئيس قيس سعيد الفاقدة للبرنامج و “الغامضة”، و مشروع “التمكين الاخواني” الذي يقوده “الشيخ الغنوشي”، وتواصل صعود تعبيرة “اقصائية” للنظام السابق، هي خليط بين “الشعبوية ” و”الفاشية”، تمثلها عبير موسي.
في هذا المناخ الاستثنائي، يرفض “سي نجيب” رمي المنديل، الدخول في تجربة جديدة و حاسمة في مسيرته السياسية، إذ لم يعد في العمر متسع من الوقت للتجربة و الإستفادة من مواطن النجاح و الفشل.
يدخل تجربة بناء حزبي وسياسي مع “تركة” الرئيس الراحل لباجي قايد السبسي، ممثبة في رئيسيي ديوانه ومؤسسي “نداء تونس”، سلمى اللومي و رضا بلحاج، وان فاجت البعض فإنها تعد برأينا مفهومة ومعقولة، فالرجل تحالف مع “سي الباجي” وقبل العمل معه في صائفة 2013.
يعود “سي نجيب”، وفي السياسة التي هي “فن الممكن” بامتياز كل شيء ممكن، خصوصا وهو الذي جرابه ثقافة سياسية واسعة، و لباقة لا يملكها أغلب السياسيين، و تمسك بالديمقراطية، تجعله شبيه ب “سي الباجي”.
Comments